Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 1-7)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حـمۤ * عۤسۤقۤ } سمعت أبا إسحاق يقول : سمعت أبا عثمان بن أبي بكر المقري الزعفراني ، يقول : سمعت شيخي يقول : سمعت أبا بكر المؤمن يقول : سألت الحسين بن الفضل لِمَ قطّع { حـمۤ * عۤسۤقۤ } ولم تقطّع { كۤهيعۤصۤ } [ مريم : 1 ] ، و { الۤمۤر } [ الرعد : 1 ] و { الۤمۤصۤ } [ الأعراف : 1 ] ؟ . قال : لكونها من سور أوائلها { حـمۤ } ، فجرت مجرى نظائرها ، قبلها وبعدها ، وكان { حـمۤ } مبتدأ ، و { عۤسۤقۤ } خبره ، ولأنّها آيتان ، وعدت أخواتها الّتي كتبت موصولة آية واحدة . وقيل : لأنّ أهل التأويل لم يختلفوا في { كۤهيعۤصۤ } وأخواتها ، إنّها حروف التهجي لا غيره ، وإختلفوا في { حـمۤ } ، فأخرجها بعضهم من حيز الحروف وجعلوها فعلاً ، وقالوا ، معناه { حـمۤ } ، أي قضي ما هو كائن إلى يوم القيامة . فأمّا تفسيرها أخبرنا عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه : إنّ أبا الفرج المعافى بن زكريا القاضي ، أخبرهم عن محمد بن جرير ، حدثني أحمد ، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا أبو المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج ، عن أرطأة بن المنذر ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال له وعنده حذيفة بن اليمان : أخبرني عن تفسير قول الله تعالى : { حـمۤ * عۤسۤقۤ } قال : فأطرق ثمّ أعرض عنه ، ثمّ كرّر مقالته ، فلم يجيبه بشيء ، وكرّر مقالته ، ثمّ كرّر الثالثة ، فلم يجيبه شيئاً ، فقال له حذيفة : أنا أنبئك بها ، قد عرفت لِمَ كرهها ، نزلت في رجل من أهل بيته ، يقال له : عبد الاله أو عبد الله ، ينزل على نهر من أنهار المشرق ، يبني عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقا ، فإذا أذن الله تعالى في زوال ملكهم انقطاع دولتهم ومدّتهم ، بعث الله تعالى على احداهما ناراً ليلاً ، فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كلّها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ، فما هو إلاّ بياض يومها ذلك حتّى يجمع فيها كلّ جبّار عنيد منهم ، ثمّ يخسف الله تعالى بها وبهم جميعاً ، فذلك قوله تعالى : { حـمۤ * عۤسۤقۤ } . يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء { حـمۤ * عۤسۤقۤ } عدلاً منه ، سين سيكون فتنة ، قاف واقع بهما بهاتين المدينتين . ونظير هذا التفسير ما أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن مخلد ، حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ، حدثنا عمار بن سيف الضبي أبو عبد الرّحمن ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي عن جرير بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصّراة تجتمع فيها جبابرة أهل الأرض ، تجبى إليها الخزائن ، يخسف بها ، وقال مرة : يخسف بأهلها ، فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة " . وذكر عن ابن عباس إنّه كان يقرأ ( حم سق ) بغير عين ، ويقال : إنّ السين فيها كلّ فرقة كائنة ، وإنّ القاف كلّ جماعة كائنة ، ويقول : إنّ علياً إنّما كان يعلم الفتن بهما ، وكذلك هو في مصحف عبد الله ( حم سق ) . وقال عكرمة : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله : { حـمۤ * عۤسۤقۤ } . فقال : ( ح ) حلمه ، ( م ) مجده ، ( عين ) علمه ، ( سين ) سناه ، ( ق ) قدرته ، أقسم الله تعالى بها . وفي رواية أبي الجوزاء إنّ ابن عباس ، قال لنافع : ( عين ) فيها عذاب ، ( سين ) فيها مسخ ، ( ق ) فيها قذف . يدلّ عليه ما روي في حديث مرفوع إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية عرفت الكآبة في وجهه ، فقيل له : ما هذه الكآبة يارسول الله ؟ قال : " أخبرت ببلاء ينزل في أمتي . من خسف ومسخ وقذف ، ونار تحشرهم وريح تقذفهم في اليم ، وآيات متتابعات متصلة بنزول عيسى ( عليه السلام ) ، وخروج الدجال " . وقال شهر بن حوشب وعطاء بن أبي رباح : ( ح ) حرب يعز فيها الذليل ويذل فيها العزيز في قريش ، ثمّ تُقضى إلى العرب ، ثمّ تُقضى إلى العجم ، ثمّ تمتد إلى خروج الدجال . وقال عطاء : ( ح ) حرب في أهل مكّة يجحف بهم حتّى يأكلون الجيف وعظام الموتى ، ( م ) ملك يتحول من قوم إلى قوم ( ع ) عدو لقريش قصدهم ، ( س ) سيء يكون فيهم ، ( ق ) قدرة الله النافذة في خلقه . وقال بكر بن عبد الله المزني : ( ح ) حرب تكون بين قريش والموالي ، فتكون الغلبة لقريش على الموالي ، ( م ) ملك بني أُمية ، ( ع ) علو ولد العبّاس ، ( سين ) سناء المهدي ( ق ) قوة عيسى ( عليه السلام ) حين ينزل ، فيقتل النصارى ويخرب البيع . وقال محمد بن كعب : أقسم الله بحلمه ومجده وعلوه وسناءه وقدرته ، أن لا يعذب من عاد إليه بلا إله إلاّ الله مخلصاً له من قلبه ، وقال جعفر بن محمد وسعيد بن جبير : ( ح ) من رحمن ، ( م ) من مجيد ، ( عين ) من عالم ، ( سين ) من قدوس ، ( ق ) من قاهر . السدي : هو من الهجاء المقطع ، ( عين ) من العزيز ، ( سين ) من السلام ، ( ق ) من القادر . وقيل : هذا في شأن محمد صلى الله عليه وسلم ( فالحاء ) حوضه المورود ، و ( الميم ) ملكة الممدود ، و ( العين ) عزه الموجود ، و ( السين ) سناؤه المشهود ، و ( القاف ) قيامه في المقام المحمود ، وقربه في الكرامة إلى المعبود . وقال ابن عباس : ليس من نبيّ صاحب كتاب إلاّ وقد أوحيت { حـمۤ * عۤسۤقۤ } إليه ، فلذلك ، قال : { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ } قرأ ابن كثير بفتح الحاء ومثله روى عباس ، عن ابن عمرو ورفع الاسم بالبيان ، كأنّه قال : يوحي إليك . قيل : من الّذي يوحي ؟ قال : الله ، وهي كقراءة من قرأ { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } [ النور : 36 ] بفتح الباء ، الباقون بكسره . { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } وقال مقاتل : نزل حكمها على الأنبياء ( عليهما السلام ) { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ * تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } أي من عظمة الله وجلاله فوقهنّ . قال ابن عباس : تكاد السّماوات كلّ واحدة منها تتفطّر فوق الّتي تليها من قول المشركين ، { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } : نظيره قوله : { تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } [ مريم : 90 - 91 ] . { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } من المؤمنين بيانها ويستغفرون للَّذين آمنوا { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } . قال الحكماء : وعظّم في الإبتداء ، ثمّ بشّر وألطف في الإنتهاء . { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } يحفظ أعمالهم ويحصي عليهم أفعالهم ليجازيهم بها { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } إن عليك إلاّ البلاغ . { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } مكّة ، يعني أهلها . { وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } أي بيوم الجمع . { لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ } أي منهم فريق { فِي ٱلْجَنَّةِ } فضلاً وهم المؤمنون . { وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } عدلاً وهم الكافرون . أخبرنا الإمام أبو منصور الجمشاذي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أبو عثمان سعيد ابن عثمان بن حبيب السوحي ، حدثنا بشر بن مطر ، حدثني سعيد بن عثمان ، عن أبي راهويه جدير بن كريب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يفضّل عبد الله على أبيه أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا هشام بن القاسم ، حدثنا ليث ، حدثني أبو قبيل حيّ بن هانئ المعافري عن شفي الأصبحي عن عبد الله بن عمرو ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، قابضاً على كفيه ومعه كتابان ، فقال : " أتدرون ما هذان الكتابان ؟ ، قلنا : لا يارسول الله . فقال للّذي في يده اليمنى : هذا كتاب من ربّ العالمين بأسماء أهل الجنّة وأسماء آباءهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب ، وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون ، فليس بزايد فيهم ، ولا ناقص منهم إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة " ، ثمّ قال للّذي في يساره : " هذا كتاب من ربّ العالمين ، بأسماء أهل النار وأسماء آباءهم وعشائرهم وعدتهم ، قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب وقبل أن يستقروا في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون ، فليس بزايد فيهم ولا ناقص منهم ، إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة " . فقال عبد الله بن عمرو : ففيم العمل ؟ ، إذ قال : " إعملوا وسددوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنّة يختم له بعمل أهل الجنّة وأن عَمِلَ أي عَمَل ، وإنّ صاحب النّار يختم له بعمل أهل النّار وإن عَمِلَ ، أي عَمَل " . ثمّ قال : { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } عدل من الله تعالى " .