Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 38-50)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ، وقيل هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . حين لامه النّاس على إنفاق ماله كلّه ، وحين شُتم فحلم . أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبه ، حدثنا إسحاق بن صدقة ، حدثنا عبد الله بن هاشم ، حدثنا سيف بن عمر ، عن عطية ، عن أيوب ، عن علي رضي الله عنه قال : اجتمع لأبي بكر رضي الله عنهما مال مرة فتصدق به كلّه في سبيل الخير ، فلامه المسلمون وخطّأه الكافرون ، فأنزل الله تعالى : { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } … إلى قوله : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } خص به أبا بكر وعم به من اتبعه . { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } ينتقمون من ظالميهم من غير أن يعتدوا . وقال مقاتل : هذا في المجروح ينتصر من الجارح فيقتص منه . قال إبراهيم : في هذه الآية كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفو له . { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } سمي الجزاء بإسم الإبتداء وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة . قال ابن نجيح : هو أن يجاب قائل الكلمة القبيحة بمثلها ، فإذا قال : أخزاه الله . يقول له : أخزاه الله ، وقال السدّي : إذا شتمك بشتمة فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي . أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا إبن حنش المقري ، حدثنا أبو القاسم بن الفضل ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال سفيان بن عيينة : قلت لسفيان الثوري : ما قوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } أن يشتمك رجل فتشتمه ؟ ، أو أن يفعل بك فتفعل به ؟ فلم أجد عنده شيئاً فسألت هشام بن حجير عن هذه الآية ، فقال : الجارح إذا جرح تقتص منه وليس هو أن يسبك فتسبه . وقال سفيان : وكان إبن شبرمة يقول : أليس بمكّة مثل هشام بن حجير فمن عفا فلم ينتقم . قال ابن عباس : فمن ترك القصاص وأصلح ، وقال مقاتل : وكان العفو من الأعمال الصالحة فأجره على الله . قال ابن فنجويه العدل ، حدثنا محمد بن الحسن بن بشر ، أخبرنا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاس الدمشقي ، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن بشر القريشي ، حدثنا زهير بن عباد المدائني ، حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد من كان له على اللهِ أجرٌ ، فليقم ، قال : فيقوم عنق كثير . قال : فقال : ما أجركم على الله ، فيقولون : نحن الّذين عفونا عمّن ظلمنا ، وذلك قوله تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } فيقال لهم : ادخلوا الجنّة بإذن الله " . { إِنَّهُ } إنَّ الله { لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } . قال ابن عباس : الّذين يبدأون بالظلم . لقوله تعالى : { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } . مبتدئين به . { وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ } . فلم يكاف . { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } وحزمها . { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِه } يهديه أو يمنعه من عذاب الله . { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ } الكافرين . { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ } رجوع إلى الدّنيا . { مِّن سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي على النّار { خَاشِعِينَ } خاضعين متواضعين { مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } ذليل قد خفي من الذّلِ . قاله ابن عباس ، وقال مجاهد وقتادة والسدّي والقرظي : سارقو النظر . واختلف العلماء باللغة في وجه هذه الآية ، فقال يونس : من بمعنى الياء ، مجازه : بطرف خفيّ ، أي ضعيف من الذل والخوفِ ، وقال الأخفش : الطرف العين ، أي ينظرون من عين ضعيفة ، وقيل : إنّما قال : { مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } لأنه لا يفتح عينه إنّما ينظر ببعضها ، وقيل معناه : ينظرون إلى النّار بقلوبهم لأنّهم يحشرون عمياً ، والنظر بالقلب خفيّ . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } دائم . { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } طريق للوصول إلى الحقّ في الدّنيا والجنّةِ في العقبى ، قد إنسدت عليه طرق الخير . { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ } بالإيمان والطاعة . { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ } معقل . { يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } منكم يغير ما بكم . { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ * لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً } فلا يكون له ولد ذكر . أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه ، حدثنا الفضل بن الفضل الكندي ، حدثنا محمد بن الحسين الفرج ، حدثنا أحمد بن الخليل القومي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حكيم بن حزام أبو سمير ، عن مكحول ، عن واثله بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ من يمن المرأة تبكيرها بالأُنثى قبل الذّكر ، وذلك إنّ الله تعالى يقول : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } . ألا ترى إِنّه بدأ بالإناث قبل الذّكور " . { وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } فلا يكون له أُنثى . { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } يجمع بينهما فيولد له الذُّكور والإِناث . تقول العرب : زوّجت وزوجت الصغار بالكبار . أي قرنت بعضها ببعض . أخبرنا بن فنجويه ، حدثنا طلحة وعبيد ، قالا : حدثنا ابن مجاهد ، حدثنا الحسين بن علي ابن العباس ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عبيد الله ، عن إسماعيل بن سلمان ، عن أبي عمر ، عن إبن الحنفية في قوله تعالى : { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } . قال : التوائم . { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } فلا يلد ولا يُولد له . أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا الحسن بن علوية ، حدثنا إسماعيل بن عيسى ، حدثنا إسحاق بن بشر ، في قول الله تعالى : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } قال : نزلت في الأنبياء ( عليهم السلام ) ثمّ عمّت ، { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً } يعني لوطاً ( عليه السلام ) لم يولد له ذّكر إنّما ولد له ابنتان . { وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } ويعنى إبراهيم ( عليه السلام ) لم يولد له أنثى { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } يعني النبي صلى الله عليه وسلم ولد له بنون وبنات { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } يعني يحيى وعيسى ( عليهم السلام ) . { إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد بن محمد المخلدي إملاء ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك ابن محمد بن عدي ، حدثنا عمار بن رجاء وعلي بن سهل بن المغيرة ، قالا : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا أبو حمزة السّكري المروزي ، عن إبراهيم الصائغ عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود ، عن عائشة " رضي الله عنها " . قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ أولادكم هبة [ الله ] لكم { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } [ فهم ] وأموالهم لكم إذا إحتجتم إليها " . قال علي بن الحسن : سألني يحيى بن معين عن هذا الحديث .