Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 29-37)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ * وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } من الإجرام والآثام . { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } منها فلا يؤاخذكم بها . وقرأ أهل المدينة والشام ( بما ) بغير ( فاء ) ، وكذلك هي في مصاحفهم ، وقرأ الباقون { فَبِمَا } ، بالفاء ، وكذلك في مصاحفهم وأختاره أبو عبيد وأبو حاتم . أخبرنا الحسين بن محمد المقري ، حدثنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ، حدثنا رضوان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا أبو معاوية الضرير عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، قال : لما نزلت هذه الآية { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ولا نكبة حجر إلاّ بذنب ولما يعفو الله عنه أكثر " . أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا بشر بن موسى الأسدي ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثني الأزهر بن راشد الكاهلي ، عن الخضر بن القواس العجلي ، عن أبي سخيلة ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } ، قال : " وسأفسرها لك يا عليَّ : ما أصابكم في الدنيا من بلاء أو مرض أو عقوبة فاللّه أكرم من أن يثنّي عليكم العقوبة في الآخرة ، وما عفا عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه " . قال : بإسناده عن خلف بن الوليد ، عن المبرك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : دخلنا على عمران بن الحصين في مرضه الشديد الّذي أصابه ، فقال رجل منّا : إنّي لا بد أن أسألك عما أرى من الوجع بك ، فقال عمران : يا أخي لا تفعل فوالله أن أحبّه إليَّ أحبّه إلى الله تعالى . قال الله تعالى : { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } . هذا بما كسبت يداي وعفو ربّي تعالى فيما بقي . أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا موسى بن محمّد بن علي ، حدثنا جعفر بن محمد الفرماني ، حدثنا أبو خثيمه مصعب بن سعيد ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مرة الهمذاني ، قال : رأيت على ظهر كف شريح قرحة ، قلت : يا أبا أمامة ما هذا ؟ قال : { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } . أخبرنا الحسين بن فنجويه الدينوري ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني إبراهيم بن الحسن الباهلي المقري ، حدثنا حمّاد بن زيد أبو إسماعيل عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، قال : لما ركبه الدَّين اغتمّ لذلك ، فقال : إنّي لأعرف هذا العلم ، هذا بذنب أصبته منذ أربعين سنة . أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا موسى بن محمد ، حدثنا أبو بشر أحمد بن بشر الطيالسي ، حدثني بعض أصحابنا ، عن أحمد بن الحواري ، قال : قيل لأبي سلمان الدارابي : ما بال العقلاء أزالوا اللّوم عمن أساء إليهم ؟ قال : لأنّهم علموا أنّ الله تعالى إنّما ابتلاهم بذنوبهم ، قال الله تعالى : { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } . أخبرنا إبن فنجويه ، حدثنا محمد بن عبد الله بن [ برزة [ ، حدثنا اسماعيل بن اسحاق القاضي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا ليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعد بن سنان ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أراد الله تعالى بعبدِه الخير عجّل له العقوبة في الدّنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشّر أمسك عليه بذنبه حتّى يوافي به يوم القيامة " . وقال عكرمة : ما من نكبة أصابت عبداً فما فوقها إلاّ بذنب لم يكن الله ليغفر له إلاّ بها ، أو درجة لم يكن الله ليبلّغه إلاّ بها . أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن رجاء ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن ابن أبي داود ، عن الضحاك ، قال : ما تعلمَّ رجلٌ القرآن ثمّ نسيه إلاّ بذنب ، ثمّ قرأ { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } ، ثمّ قال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن . وقال الحسن في هذه الآية : هذا في الحدود . { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ } هرباً . { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ } يعني السّفن ، واحدتها جارية وهي السائرة في البحر ، قال الله تعالى : { حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } [ الحاقة : 11 ] . { فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } أي الجبال ، مجاهد : القصور ، واحدها علم . وقال الخليل بن أحمد : كلّ شيء مرتفع عند العرب فهو علم . قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً : @ وإنّ صخراً لتأتمّ الهداة به كأنّه علم في رأسه نار @@ { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ } ثوابت وقوفاً { عَلَىٰ ظَهْرِهِ } أي على ظهر الماء . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ } يهلكهنّ . { بِمَا كَسَبُوا } أي بما كسب أصحابها وركبانها من الذنوب . { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } فلا يعاقب عليها ويعلم . قرأ أهل المدينة والشام بالرفع على الاستئناف كقوله في سورة براءة : { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } [ التوبة : 15 ] ، وقرأها الآخرون نصباً على الصرف كقوله تعالى : { وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 142 ] صرف من حال الجزم إلى النصب استحقاقاً وكراهة لعوال الجزم ، كقول النابغة : @ فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع النّاس والشهر الحرامُ ونمسك بعده بذناب عيش أجبّ الظهر له سنامُ @@ وقال آخر : @ لا تنه عن خلق وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم @@ { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } محيد عن عقاب الله تعالى . { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ } من رياش الدّنيا وقماشها . { فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وليس من زاد المعاد . { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } من الثواب . { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } . قرأ يحيى بن رثاب وحمزة والكسائي وخلف هاهنا وفي سورة النجم ( كبير ) على التوحيد وفسروه الشرك عن ابن عباس ، وقرأ الباقون { كَبَائِرَ } بالجمع في السورتين ، وقد بينا اختلاف العلماء في معنى { الكبائر } والفواحش . قال السدّي : يعني الزنا ، وقال مقاتل : موجبات الخلود . { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } يتجاوزون ويتحملون .