Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 1-15)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } . أي أنزلناه وسميناه وبيّناه ووصفناه . كقوله تعالى : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ } ، وقوله : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً } [ الزخرف : 19 ] ، وقوله : { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } [ الحجر : 91 ] ، وقوله تعالى : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ } [ التوبة : 19 ] . كلّها بمعنى الوصف والتسمية ويستحيل أن يكون بمعنى الخلق . { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ } يعني هذا الكتاب . { فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ } يعني اللوح المحفوظ الّذي عند الله تعالى منه ينسخ ، وقال قتادة : أصل الكتاب وجملته . أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان ، أخبرنا مكي بن عيدان ، حدثنا عبد الله بن هاشم بن حيان ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا هشام الدستوائي ، حدثني القاسم بن أبي يزه ، حدثني عروة بن عامر القريشي ، قال : سمعت ابن عباس يقول : إنّ أول ما خلق الله تعالى القلم وأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق والكتاب عنده ثمّ قرأ { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ } . { لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ * أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً } . إختلفوا في معناه . فقال قوم : أفنضرب عنكم العذاب ونمسك ونعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم ، وهذا قول مجاهد والسدي ، ورواية الوالبي عن ابن عباس . قال : أفحسبتم إنّه يصفح عنكم ولما تعقلوا ما أَمرتم به ، وقال آخرون : معناه أفنمسك عن إنزال القرآن ونتركه من أجل أنّكم لا تؤمنون به فلا ننزله ولا نكرره عليكم ، وهذا قول قتادة وإبن زيد . وقال قتادة : والله لو كان هذا القرآن رُفع حين ردّه أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة . أو ما شاءَ الله من ذلك . وقال الكلبي : أفنترككم سدى لا نأمركم ولا ننهاكم . الكسائي : أفنطوي عنكم الذكر طيًّا ، فلا تدعون ولا توعظون . وهذا من فصيحات القرآن ، والعرب تقول لمن أَمسك عن الشيء وأعَرض عنه : ضرب عنه صفحاً ، والأصل في ذلك إنّك إذا أعرضت عنه ولّيته صفحة عنقك ، قال كثير : @ صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلَةً فمن ملّ منها ذلك الوصل مَلّتِ @@ أي معرضة بوجهها ، وضربت عن كذا وأَضربت ، إذا تركته وأمسكت عنه . { أَن كُنتُمْ } قرأ أهل المدينة والكوفة إلاّ عاصماً أن تُكتب الألف على معنى إذ . كقوله : { وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة : 278 ] ، وقوله : { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } [ النور : 33 ] . وقرأ الآخرون بالفتح على معنى لأنّ كنتم أرادوا على معنى المضي كما يقول في الكلام : أَسبّك إن حرمتني ، يريد إذا حرمتني . قال أبو عبيدة : والنّصبُ أَحبُّ إليَّ ؛ لأنّ الله تعالى عاتبهم على ما كان منهم وعلمه قبل ذلك من فعلهم . { قَوْماً مُّسْرِفِينَ } مُشركين متجاوزين أمر الله . { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم } . أي وما كان يأتيهم . { مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } كاستهزاء قومك بك . يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } قوة . { وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } صفتهم وسنتهم وعقوبتهم . { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ * ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } أي بمقدار حاجتكم إليه . { فَأَنشَرْنَا } فَأحيّينا . { بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ } أي كما أحيّينا هذه البلدة الميتة بالمطر كذلك . { تُخْرَجُونَ } من قبوركم أَحياء . { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ } الأصناف . { كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } ذكر الكناية لأنّه ردها إلى ما ، وقال الفراء : أضاف الظهور إلى الواحد لأنّه ذلك الواحد في معنى الجمع كالجند والجيش والرهط والخيل ونحوها من أسماء الجيش . { ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أي مطبقين ضابطين قاهرين وهو من القرآن ، كأنّه أراد وما كنا مقاومين له في القوة . { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } لمنصرفون في المعاد . أخبرنا إبن فنجويه الدينوري ، حدثنا سعيد بن محمد بن اسحاق الصيرفي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شنبه ، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن علي بن ربيعة ، عن علي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إنّه كان إذا وضع رجله في الركاب ، قال : " بسم الله " فإذا إستوى على الدابة . قال : " الحمد لله على كلّ حال { سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } " ، وكبّر ثلاثاً وهلل ثلاثاً . وقال قتادة : في هذه الآية يُعلمكم كيف تقولون إذا ركبتم في الفلك والأنعام تقولون : { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } [ المؤمنون : 29 ] . { وَجَعَلُواْ } يعني هؤلاء المشركين { لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } أي نصيباً وبعضاً . وقال مقاتل وقتادة : عدلاً وذلك قولهم للملائكة هم بنات الله تعالى . { إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } .