Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 28-29)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } أنّك نبي صادق فيما تخبر ، ونصب { شَهِيداً } على التفسير وقيل : على الحال ، والقطع ، ثمّ قال : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } تمّ الكلام هاهنا ، ثمّ قال مبتدئاً : { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } ( الواو ) فيه ( واو ) الاستئناف { وَٱلَّذِينَ } في محل الرفع على الابتداء { أَشِدَّآءُ } غلاظ { عَلَى ٱلْكُفَّارِ } لا تأخذهم فيهم رأفة . { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } متعاطفون متوادّون بعضهم على بعض كقوله تعالى : { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ المائدة : 54 ] . { تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ } أن يدخلهم جنّته { وَرِضْوَاناً } أن يرضى عنهم . { سِيمَاهُمْ } علامتهم { فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } واختلف العلماء في هذه السيماء ، فقال قوم : هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة ، يعرفون بتلك العلامة ، أنّهم سجدوا في الدُّنيا ، وهي رواية العوفي ، عن ابن عبّاس ، وقال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلّوا . وقال شهر بن حوشب : تكون مواضع السجود من وجوههم ، كالقمر ليلة البدر . قال آخرون : السمتُ الحسن ، والخشوع ، والتواضع ، وهو رواية الوالبي عن ابن عبّاس ، قال : أما إنّه ليس بالذي ترون ، ولكنّه سيماء الإسلام وسجيّته ، وسمته وخشوعه ، وقال منصور : سألت مجاهداً عن قوله سبحانه وتعالى : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } ، أهو الأثر يكون بين عينيّ الرجل ؟ قال : لا ربّما يكون بين عينيّ الرجل ، مثل ركبة العنز ، وهو أقسى قلباً من الحجارة ، ولكنّه نور في وجوههم من الخشوع ، وقال ابن جريج : هو الوقار ، والبهاء ، وقال سمرة بن عطية : هو البهج ، والصُفرة في الوجوه ، وأثر السهرة . قال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى ، وما هم بمرضى ، وقال الضحّاك : أمّا إنّه ليس بالندب في الوجوه ، ولكنّه الصُفرة . وقال عكرمة ، وسعيد بن جبير : هو أثر التراب على جباههم . قال أبو العالية : يسجدون على التراب لا على الأثواب ، وقال سفيان الثوري : يصلّون بالليل ، فإذا أصبحوا رؤي ذلك في وجوههم ، بيانه قوله : صلّى الله عليه وسلّم : " من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " . قال الزهري : يكون ذلك يوم القيامة ، وقال بعضهم : هو ندب السجود ، وعلته في الجبهة من كثرة السجود . وبلغنا في بعض الأخبار إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : يا نار أنضجي ، يا نار أحرقي ، وموضع السجود فلا تقربي ، وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كلّ من حافظ على الصلوات الخمسة . { ذَلِكَ } الذي ذكرت { مَثَلُهُمْ } صفتهم { فِي ٱلتَّوْرَاةِ } وهاهنا تمّ الكلام ، ثمّ قال : { وَمَثَلُهُمْ } صفتهم { فِي ٱلإِنجِيلِ } فهما مثلان { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } قرأه العامّة بجزم ( الطاء ) ، وقرأ بعض أهل مكّة ، والشام بفتحه ، وقرأ أنس ، والحسن ، ويحيى بن وثاب ( شطاه ) مثل عصاه . وقرأ الجحدري ( شطه ) بلا همزة ، وكلّها لغات . قال أنس : ( شطأه ) نباته ، وقال ابن عبّاس : سنبلة حين يلسع نباته عن جنانه . ابن زيد : أولاده . مجاهد ، والضحّاك : ما يخرج بجنب الحقلة فينمو ويتمّ عطاء جوانبه . مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده ، فهو ( شطأه ) . السدّي : هو أن يخرج معه ألطافه الأخرى . الكسائي : طرفه . الفراء : شطأ الزرع أن ينبت سبعاً ، أو ثمانياً ، أو عشراً . قال الأخفش : فراخة يقال : أشطأ الزرع ، فهو مشطي إذا أفرخ ، وقال الشاعر : @ أخرج الشطأ على وجه الثرى ومن الأشجار أفنان الثمر @@ وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب محمّد ( عليه السلام ) يعني أنّهم يكونون قليلاً ، ثمّ يزدادون ، ويكثرون ، ويقوون ، وقال قتادة : مثل أصحاب محمّد ( عليه السلام ) في الإنجيل مكتوب أنّه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . { فَآزَرَهُ } قوّاه وأعانه وشد أزره { فَٱسْتَغْلَظَ } فغلظ ، وقوى { فَٱسْتَوَىٰ } نما وتلاحق نباته ، وقام { عَلَىٰ سُوقِهِ } أُصوله { يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } يعني أنّ الله تعالى فعل ذلك بمحمّد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } . أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن يوسف بن حاتم بن نصر ، حدّثنا الحسن بن عثمان ، حدّثنا أحمد بن منصور الحنظلي ، المعروف بزاج المروزي ، حدّثنا سلمة بن سليمان ، حدّثنا عبد الله بن المبارك ، حدّثنا مبارك بن فضلة ، عن الحسن في قوله تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } قال : هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ } عمر بن الخطّاب رضي الله عنه { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } عثمان بن عفّان رضي الله عنه { تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً } علي بن أبي طالب رضي الله عنه { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } طلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، وسعيد ، وأبو عبيدة الجرّاح { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } قال : المبشَّرون عشرة أوّلهم أبو بكر ، وآخرهم أبو عبيدة الجراح { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ } قال : نعتهم في التوراة والإنجيل { كَزَرْعٍ } قال : الزرع محمّد صلى الله عليه وسلم { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ } أبو بكر الصدّيق ، { فَآزَرَهُ } عمر بن الخطّاب { فَٱسْتَغْلَظَ } عثمان بن عفّان ، يعني استغلظ بعثمان الإسلام { فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ } علي بن أبي طالب يعني استقام الإسلام بسيفه { يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ } قال : المؤمنون { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } قال : قول عمر لأهل مكّة : لا نعبد الله سرّاً بعد هذا اليوم . أخبرنا ابن منجويه الدينوري ، حدّثنا عبدالله بن محمّد بن شنبه ، حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا محمّد بن مسلم بن واره ، حدّثنا الحسين بن الربيع ، قال : قال ابن إدريس ما آمن بأن يكونوا قد ضارعوا الكفّار ، يعني الرافضة ، لأنّ الله تعالى يقول : { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } . أخبرنا الحسين بن محمّد العدل ، حدّثنا محمّد بن عمر بن عبد الله بن مهران ، حدّثنا أبو مسلم الكجي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا عمران ، عن الحجّاج ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكون في آخر الزمان قوم ينبزون أو يلمزون الرافضة يرفضون الإسلام ويلفظونه ، فاقتلوهم فإنّهم مشركون " . أخبرنا الحسين بن محمّد ، حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمّد بن علي ، حدّثنا زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو العوام أحمد بن يزيد الديباجي ، حدّثنا المدني ، عن زيد ، عن ابن عمر ، قال : " قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ : يا علي أنت في الجنّة وشيعتك في الجنّة ، وسيجيء بعدي قوم يدّعون ولايتك ، لهم لقب يقال له : الرافضة ، فإن أدركتهم فاقتلوهم فإنّهم مشركون " . قال : يا رسول الله ما علامتهم ؟ قال : " يا علي إنّهم ليست لهم جمعة ، ولا جماعة يسبّون أبا بكر ، وعمر " . { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي الطاعات ، وقد مرّ تأويله ، وقال أبو العالية في هذه الآية : { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } يعني الذين أحبّوا أصحاب رسول الله المذكورين فيها فبلغ ذلك الحسن ، فارتضاه ، فاستصوبه منهم ، قال ابن جرير : يعني من الشطأ الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة رد ( الهاء ) و ( الميم ) على معنى الشطأ لا على لفظه ، لذلك قال : { مِنْهُم } ولم يقل : منه . { مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } . ( في فَضلِ المُفَضَل ) ، حدّثنا الشيخ أبو محمّد المخلدي ، إملاء يوم الجمعة في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن حمدون بن خالد ، وعبد الله بن محمّد بن مسلم ، قالا : حدّثنا هلال بن العلاء ، قال : حدّثنا حجّاج بن محمّد ، عن أيّوب بن عتبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن شداد بن عبد الله ، عن أبي أسماء الرجبي ، عن ثوبان ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة ، وأعطاني المئين مكان الإنجيل ، وأعطاني مكان الزبور المثاني ، وفضّلني بالمُفَضَل " . وأخبرنا أبو الحسن الحباري ، قال : حدّثنا أبو الشيخ الإصبهاني ، قال : أخبرنا ابن أبي عاصم ، قال : حدّثنا هشام بن عمّار ، قال : حدّثنا محمّد بن شعيب بن شابور ، قال : حدّثنا سعد ابن قيس ، عن قتادة ، عن أبي الملح الهذلي ، عن واثلة بن الأسقع ، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أُعطيت السبع الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل ، وأعطيت المئين مكان الزبور ، وفُضلت بالمُفَضَل " .