Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 36-45)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } قال ابن عبّاس : أثروا . مجاهد : ضربوا . الضحّاك : طافوا . النضر بن شميل : دوحوا . الفرّاء : خرقوا . المؤرخ : تباعدوا . ومنه قول امرئ القيس : @ لقد نقبّت في الأفاق حتّى رضيت من الغنيمة بالإيابِ @@ وقرأ الحسن فنقّبوا بفتح القاف مخفّفة . وقرأ السلمي ويحيى بن معمر بكسر القاف مشدّداً على التهديد والوعيد أي طوّفوا في البلاد ، وسيروا في الأرض ، فانظروا { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } من الموت وأمر الله سبحانه . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي في القرى التي أهلكت والعِبر التي ذكرت { لَذِكْرَىٰ } التذكرة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي عقل ، فكنّي عن العقل بالقلب لأنّه موضعه ومتبعه . قال قتادة : لمن كان له قلب حيّ ، نظيره { لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً } [ يس : 70 ] ، وقال الشبلي : قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين ، وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب قد احتشى بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا . وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة ، حتّى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة . وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سألت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن العباد عن هذه الآية ، فقال : معناها إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب مستقرّ لا يتقلّب عن الله في السراء والضراء . { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } أي استمع القرآن ، يقول العرب : ألقِ إليَّ سمعك أي استمعْ ، وقال الحسين بن الفضل : يعني وجه سامعه وحولها إلى الذكر كما يقال اتبعي إليه . { وَهُوَ شَهِيدٌ } أي حاضر القلب ، وقال قتادة : وهو شاهد على ما يقرأ ويسمع في كتاب الله سبحانه من حبّ محمّد صلى الله عليه وسلم وذكره . { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } إعياء وتعب . نزلت في اليهود حيث قالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله تعالى من الخلق في هذه الأيّام الستّة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين ، والجبال يوم الثلاثاء والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء ، والسماوات والملائكة يوم الخميس ، إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة وخلق في أوّل الثلاث ساعات الآجال ، وفي الثانية الآفة ، وفي الثالثة آدم " . قال : قالوا : صدقت إن أتممت . فقال : وما ذاك ؟ فقالوا : ثمّ استراح يوم السبت واستلقى على العرش فأنزل الله سبحانه هذه الآية . { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } فإنّ الله سبحانه لهم بالمرصاد ، { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } يعني قل : سبحان الله والحمد لله . عن عطاء الخراساني ، وقال الآخرون : وصلّ بأمر ربّك وتوفيقه ، { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } يعني صلاة الصبح ، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } صلاة العصر ، وروي عن ابن عباس ، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } : يعني الظهر والعصر ، { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } يعني صلاة العشائين ، وقال مجاهد : من الليل كلّه ، يعني : صلاة الليل ، في أي وقت صلّى ، { وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة والحسن بن علي والحسن البصري والنخعي والشعبي والأوزاعي : أدبار السجود : الركعتان بعد المغرب ، وأدبار النجوم : الركعتان قبل الفجر ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، وقد روي عنه مرفوعاً أخبرنيه عقيل قال : أخبرنا المعافى ، قال حدثنا ابن جرير ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل عن رشيد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " يا ابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار السجود " . وقال أنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلّى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليّين " ، قال أنس : يقرأ في الركعة الأولى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } [ الكافرون : 1 ] وفي الأخرى : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ الصمد : 1 ] . قال مقاتل : وقتهما مالم يغب الشفق ، وقال مجاهد : هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات ، ورواه عن ابن عباس . وقال ابن زيد : هو النوافل أدبار المكتوبات . واختلف القرّاء في قوله : { وَأَدْبَارَ } ، فقرأ الحسن والأعرج وخارجة وأبو عمر ويعقوب وعاصم والكسائي : بفتح الألف ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، وقرأ الآخرون : بالكسر ، وهي قراءة عليّ وابن عباس . وقال بعض العلماء في قوله سبحانه : { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } قال : ركعتي الفجر ، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } قال : الركعتين قبل المغرب . روى عمارة بن زاذان عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك قال : كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلّون الركعتين قبل المغرب . وروى شعبة عن يزيد بن جبير عن خالد بن معدان عن رغبان مولى حبيب بن مسلمة قال : رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يهبّون إليها كما يهبّون إلى المكتوبة يعني الركعتين قبل المغرب . وقال قتادة : ما أدركت أحداً يصلّي الركعتين قبل المغرب إلاّ أنس وأبا برزة . { وَٱسْتَمِعْ } يا محمد صيحة القيامة { يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } إسرافيل عليه السلام تأتيه العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة : إن الله [ يأمركن ] أن تجتمعن بفصل القضاء . { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } صخرة بيت المقدس ، وهي وسط الأرض وأقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا ، { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ } وهي النفخة الأخيرة ، { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } من القبور . { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً } جمع سريع ، وهو نصب على الحال ، مجازه : فيخرجون سراعاً ، { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } : بمسلط قهّار يجبرهم على الاسلام ، إنما بعثت مذكِراً مجدِداً . قال ثعلب : قد جاءت أحرف فعّال بمعنى مفعل وهي شاذة ، جبّار بمعنى مُجْبر ، ودرّاك بمعنى مدرك ، وسرّاع بمعنى مسرع ، وبكّاء بمعنى مبك ، وعدّاء بمعنى معد ، وقد قريء : { وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [ غافر : 29 ] بمعنى المرشد ، وسمعت أبا منصور الجمشاذي يقول : سمعت أبا حامد الجازرنجي يقول : ( العون ) سيفٌ سقّاط ، بمعنى مُسْقط . وقال بعضهم : الجبّار من قولهم جَبَرتْه على الأمر بمعنى أجبرته ، وهي لغة كنانة وهما لغتان . وقال الفرّاء : وضع الجبّار في موضع السلطان من الجبرية . قال : وأنشدني المفضّل : @ ويوم الحزن إذ حشدت مَعدٌ وكان الناس إلا نحن دينا عصتنا عزمة الجبّار حتى صبحنا الجوف ألفاً معلمينا @@ قال : أراد بالجبّار المنذر بن النعمان لولايته . { فَذَكِّرْ } يا محمّد { بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد } قال ابن عباس : قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا ؟ فنزلت { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } .