Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 25-49)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً قال ابن عباس : إذا بعثوا من قبورهم ، وقال غيره : في الجنة وهو الأصوب لقوله سبحانه { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } خائفين من عذاب الله { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } قال الحسن : السَّموم : اسم من أسماء جهنم . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدّثنا عبدالله ، قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أنس بن عياض ، قال : حدّثني شيبة بن نصاح عن القاسم بن محمد قال : غدوت يوماً وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة رضي الله عنها أُسلّم عليها ، فوجدتها ذات يوم تصلّي السبحة وهي تقرأ { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } وتردّدها وتبكي ، فقمت حتى مللت ثم ذهبت إلى السوق بحاجتي ثم رجعت فإذا هي تقرأ وترددها وتبكي وتدعو . { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ } في الدنيا { نَدْعُوهُ } نخلص له العبادة { إِنَّهُ } قرأ الحسن وأبو جعفر ونافع والكسائي بفتح الألف ، أي لأنّه ، وهو اختيار أبي حاتم ، وقرأ الآخرون بالكسر على الابتداء ، وهو اختيار أبي عبيدة { هُوَ ٱلْبَرُّ } قال ابن عباس : اللطيف ، وقال الضحاك : الصادق فيما وعد { ٱلرَّحِيمُ } . { فَذَكِّرْ } يا محمد { فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } أي برحمته وعصمته { بِكَاهِنٍ } يبتدع القول ويخبر بما في غد من غير وحي ، والكاهن : الذي يقول : إنّ معي قريناً من الجن . { وَلاَ مَجْنُونٍ } نزلت هذه الآية في الخرّاصين الذين اقتسموا عقاب مكة ، يصدون الناس عن الإيمان ، ويرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والجنون والسحر والشعر . فذلك قوله سبحانه : { أَمْ يَقُولُونَ } يعني هؤلاء المقتسمين الخرّاصين { شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } حوادث الدهر فيكفينا أمره بموت أو حادثة متلفة فيموت ويتفرق أصحابه ، وذلك أنهم قالوا : ننتظر به ملك الموت فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة وفلان وفلان ، إنّما هو كأحدهم ، وإنّ أباه توفي شاباً ، ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه . والمنون يكون بمعنى الدهر ، ويكون بمعنى الموت ، سمّيا بذلك لأنّهما ينقصان ويقطعان الأجل ، قال الأخفش : لأنّهما يمنيان قوى الانسان ومنيه أي ينقصان ، وأنشد ابن عباس : @ تربّص بها ريب المنون لعلّها تطلّق يوما أو يموت حليلها @@ { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ } حتى يأتي أمر الله فيكم . { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ } عقولهم { بِهَـٰذَآ } وأنّهم كانوا يُعدون في الجاهلية أهل الاحلام ويوصَفون بالعقل ، وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله سبحانه بالعقول ؟ . فقال : تلك عقول كادها الله ، أي لم يصحبها التوفيق . { أَمْ هُمْ } بل هم { قَوْمٌ طَاغُونَ } . { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } استكباراً . { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ } أي مثل هذا القرآن يشبهه { إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } أنّ محمداً تقوّله من تلقاء نفسه ، فإنّ اللسان لسانهم ، وهم مستوون في البشرية واللغة والقوة . { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ } قال ابن عباس : من غير ربّ ، وقيل : من غير أب ولا أم ، فهم كالجماد لا يعقلون ، ولا يقوم لله عليهم حجة ، أليسوا خلقوا من نطفة ثم علقة ثم مضغة ؟ قاله ابن عطاء ، وقال ابن كيسان : أم خُلقوا عبثاً وتركوا سُدىً لا يؤمرون ولا يُنهون ، وهذا كقول القائل : فعلت كذا وكذا من غير شيء يعني لغير شيء . { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } لأنفسهم . { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ } قال ابن عباس : المطر والرزق ، وقال عكرمة : يعني النبوّة ، وقيل : علم ما يكون { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } المسلطون الجبّارون . قاله أكثر المفسّرين ، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس ، وقال عطاء : أرباب قاهرون ، وقال أبو عبيدة : يقال : خولاً تسيطرت عليّ : اتّخذتني ، وروى العوفي عن ابن عباس : أم هم المنزلون . { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ } [ يدّعون أن لهم ] مصعداً ومرقاة يرتقون به إلى السماء { يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } الوحي فيدّعون أنّهم سمعوا هناك أنّ الذي هم عليه حق ، فهم مستمسكون به لذلك . { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم } إن ادّعوا ذلك { بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } حجة بيّنة . { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً } جعلاً على ما جئتهم به ودعوتهم إليه { فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ } غرم { مُّثْقَلُونَ } مجهودون . { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } أي علم ما غاب عنهم حتى علموا أنّ ما يخبرهم الرسول من أمر القيامة والبعث والحساب والثواب والعقاب باطل غير كائن ، وقال قتادة : لمّا قالوا { نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } أنزل الله سبحانه { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } فهم يعلمون حتى بموت محمد ، وإلى ماذا يؤول أمره ؟ وقال ابن عباس : يعني أم عندهم اللوح المحفوظ { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ما فيه ، ويخبرون الناس به ، وقال القتيبي { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } أي يحكمون . والكتاب : الحكم ، " ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين تخاصما " لأقضين بينكم بكتاب الله " أي بحكم الله . { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } مكراً في دار الندوة { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } الممكور بهم يعود الضرر عليهم ، ويحيق المكر بهم ، وكل ذلك أنّهم قتلوا ببدر . { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } قال الخليل بن أحمد : ما في سورة الطور من ذكر { أَمْ } كلّه استفهام وليس بعطف . { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً } كسفاً قطعة وقيل : قطعاً واحدتها كسفة مثل سدرة وسدر { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً } ذكره على لفظ الكسف { يَقُولُواْ } بمعاندتهم وفرط غباوتهم ودرك شقاوتهم هذا { سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } موضوع بعضه على بعض . هذا جواب لقولهم : { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ الشعراء : 187 ] وقولهم : { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً } [ الإسراء : 92 ] فقال : لو فعلنا هذا لقالوا : سحاب مركوم . { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } أي يموتون ، وقرأ الاعمش وعاصم وابن عامر { يُصْعَقُونَ } بضم الياء وفتح العين ، أي يهلكون ، وقال الفرّاء : هما لغتان مثل سَعْد وسُعْد . { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } كفروا { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } قال البراء بن عازب : هو عذاب القبر ، وقال ابن عباس : هو القتل ببدر ، وقال مجاهد : الجوع والقحط سبع سنين ، وقال ابن زيد : المصايب التي تصيبهم من الاوجاع وذهاب الأموال والأولاد . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن العذاب نازل بهم . { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } بمرأى ومنظر منا { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } قال أبو الأحوص عوف بن مالك وعطاء وسعيد بن جبير : قل سبحانك اللّهم وبحمدك حين تقوم من مجلسك ، فإن كان المجلس خيراً ازددت احتساباً ، وإن كان غير ذلك كان كفارة له . ودليل هذا التأويل ما أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن صقلاب ، قال : حدّثنا ابن الحسن أحمد بن عيسى بن حمدون الناقد بطرطوس . قال : حدّثنا أبو أُمية ، قال : حدّثنا حجاج ، قال : حدّثنا ابن جريج ، قال : أخبرني موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جلس في مجلس كثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غُفر له ما كان في مجلسه ذلك " . وقال ابن زيد : ( سبّح ) بأمر ربّك حين تقوم من منامك ، وقال الضحاك والربيع : إذا قمت إلى الصلاة فقل : سبحانك اللّهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك : ولا إله غيرك ، وعن الضحاك أيضاً يعني : قل حين تقوم إلى الصلاة : ( الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا ) ، وقال الكلبي : يعني ذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة ، وقيل : هي صلاة الفجر . { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } أي وصلِّ له ، يعني صلاتي العشاء ، { وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ } . قال علي بن أبي طالب وابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك يعني : ركعتي الفجر . انبأني عقيل ، قال : أخبرنا المقابي ، قال : أخبرنا ابن جرير ، قال : أخبرنا بسر قال : حدّثنا سعيد بن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركعتي الفجر " هما خير من الدنيا جميعاً " . وقال الضحاك وابن زيد : هي صلاة الصبح الفريضة . قرأ سالم بن أبي الجعد ( وأدبار ) بفتح الألف ، ومثله روى زيد عن يعقوب يعني : بعد غروب النجوم .