Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 1-12)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أي إذا نزلت صبيحة القيامة وتلك النفخة الأخيرة { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } تكذيب ذكره سيبوبه ، وهو إسم كالعافية والنازلة والعاقبة ، عن الفراء . قال الكسائي : هي بمعنى الكذب كقوله { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } [ الغاشية : 11 ] أي لغواً ، ومنه قول العامة : عائذ بالله أي معاذ الله ، وقم قائماً أي قياماً . ولبعض نساء العرب ترقص إبنها : @ قم قائماً قم قائماً أصبت عبداً نائماً @@ { خَافِضَةٌ } أي هي خافضة { رَّافِعَةٌ } تخفض قوماً إلى النار وترفع آخرين إلى الجنة . وقال عكرمة والسدي ومقاتل : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفعت الصوت فأسمعت من نأى يعني أنها أسمعت القريب والبعيد ، ورفعت قوماً كانوا مذللين فرفعتهم إلى أعلى عليين ووضعت قوماً كانوا في الدنيا مرتفعين فوضعتهم إلى أسفل سافلين . بن عطاء : خفضت قوماً بالعدل ورفعت قوماً بالفضل . { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } أي رجفت وزلزلت وحُركت تحريكاً من قولهم : السهم يرتجّ في الغرض ، بمعنى يهتز ويضطرب . قال الكلبي : وذلك أن الله عزّوجل إذا أوحى إليها إضطربت فرقاً . وقال المفسرون : ترجّ كما يُرّج الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها ، وينكسر كل شيء عليها من الجبال وغيرها . وأصل الرجّ في اللغة التحريك يقال : رججته فإرتجّ [ فارتضى عنقه ] ورجرجته فترجرج . { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } أي حثّت حثّاً وفتت فتاً فصارت كالدقيق المبسوس ، وهو المبلول والبسبسة عند العرب الدقيق أو السويق يُلتّ ويتخذ زاداً . وذكر عن لصَ من غطفان أنه أراد أن يخبز فخاف أن يعجّل عن الخبز فقال لا تخبزا خبزاً وبسّا بسّاً ولا تطيلا بمناخ حبساً . وقال عطاء : أُذهبت إذهاباً قال سعيد بن المسيب والسدي : كسرت كسراً . الكلبي : سيّرت عن وجه الأرض تسييراً . مجاهد : لتّت لتّاً . الحسن : قلعت من أصلها فذهبت بعدما كانت صخراً صماء : نظيرها { فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } [ طه : 105 ] . عطية : بسطت بسطاً كالرمل والتراب . ابن كيسان : جُعلت كثيباً مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة . { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } قال ابن عباس : شعاع الشمس حين يدخل من الكوّة . علي رضي الله عنه : رهج الدوابّ . عطية : ما تطاير من شرر النار ، قتادة : حطام الشجر . وقراءة العامة : { مُّنبَثّاً } بالثاء أي متفرقاً ، وقرأ النخعي بالتاء أي منقطعاً . { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً } أصنافاً { ثَلاَثَةً } ثم بيّن من هُم فقال عز من قائل : { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } وهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة . وقال ابن عباس : وهم الذين كانوا على يمين آدم حين أُخرجت الذرية من صلبه . وقال الله ( إن ) هؤلاء في الجنة ولا أبالي . وقال الضحّاك : هم الذين يعطون كتبهم بإيمانهم . وقال الحسن والربيع : هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم ، وكانت أعمارهم في طاعة الله عزّوجل ، وهم التابعون بإحسان . ثم عجّب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : { مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } وهذا كما يقال : زيد ما زيدٌ ، يراد زيد شديد . { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } أي الشمال ، والعرب تسمي اليد اليسرى شؤمى . قال الشاعر : @ السهم والشرى في شوءمى يديك لهم وفي يمينك ماء المزن والضرب @@ ومنه الشام واليمن لأن اليمن عن يمين الكعبة والشام عن شمالها إذا [ دخل الحجر ] تحت الميزاب . وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار . وقيل : هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية ، وقال الله لهم هؤلاء في النار ولا أُبالي . وقيل : هم الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم . وقال الحسن : هم المشائيم على أنفسهم ، وكانت أعمارهم في المعاصي . { مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ * وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } قال ابن سيرين : هم الذين صلوا القبلتين دليله قوله { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } [ التوبة : 100 ] . أخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن حمران ، حدّثنا أُبي ، حدّثنا محمد بن داود الدينوري ، حدّثنا [ … ] عن ابن بن الجارود عن عبد الغفور ابن أبي الصباح عن ابن علي ، عن كعب في قول الله عزّوجل : { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ * أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } قال : هم أهل القرآن وهم المتوجون يوم القيامة . وأخبرني الحسين ، حدّثنا موسى بن محمد بن علي ، حدّثنا أبو شعيب ، حدّثنا عبد الله بن الحسن الحراني ، حدّثنا يحيى بن عبد الله البابلتي ، حدّثنا الأوزاعي قال : سمعت عثمان بن أبي سودة يقول : السابقون أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً في سبيل الله عزّوجل . وأخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن ماجة ، حدّثنا ابن أيوب ، حدّثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدّثنا سياد بن حاتم ، حدّثنا عبد الله بن شميط قال : سمعت أُبي يقول : الناس ثلاثة : فرجل إبتكر الخير في حداثة سنهِ ثم داوم عليه حتى خرج عن الدنيا فهذا السابق المقري ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبة فهذا صاحب يمين ، ورجل ابتكر الشر في حداثته ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال . وقال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة . وقال علي بن أبي طالب : إلى الصلوات الخمس . عكرمة : إلى الإسلام . الضحاك : إلى الجهاد . القرظي : إلى كل خير . سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر . نظيره { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [ آل عمران : 133 ] { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [ الحديد : 21 ] . ثم أثنى عليهم فقال عزّ من قائل { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [ المؤمنون : 61 ] الربيع عن أنس : السابقون إلى إجابة الرسول في الدنيا ، وهم السابقون إلى الجنة في العقبى . ابن كيسان : السابقون إلى كل ما دعا الله سبحانه وتعالى إليه . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } إلى الله { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } . أخبرني الحسين ، حدّثنا علي بن إبراهيم بن موسى الموصلي ، حدّثنا محمد بن مخلد العطار ، محمد بن إسماعيل ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا شعبة ومسعر عن سعد بن أبراهيم عن عروة بن الزبير قال : كان يقال : تقدموا تقدموا . وأخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن ماجة ، حدّثنا إبن أيوب ، حدّثنا القطواني ، حدّثنا سيار ، حدّثنا جعفر حدّثني عوف حدّثني رجل من أهل الكوفة قال : بلغني أنه إذا خرج رجل من السابقين المقربين من مسكنه في الجنة كان له ضوء يعرفه مَن دونه فيقول : هذا ضوء رجل من السابقين المقربين .