Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 13-29)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُلَّةٌ } جماعة { مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } أي الأمم الماضية { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } مرمولة منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر ، قد إتّصل بعضها في بعض ، كما توضن حلق الدرع [ … ] بعضها في بعض مضاعفة . ومنه قول الأعشى : @ ومن نسج داود موضونة تساق مع الحيّ عيراً فعيرا @@ وقال أيضاً : @ وبيضاء كالنهي موضونة لها قونس فوق جيب البدن @@ ومنه وضين الناقة وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفاً كحلق الدرع . قال الكلبي : طول كل سرير ثلاثمائة ذراع ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها إرتفعت . وقال الضحاك : موضونة مصفوفة ، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . يقال : آجر موضون إذا صفَّ بعضها على بعض . { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } في الزيارة لا ينظر بعضهم في قفا بعض { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ } للخدمة { وِلْدَانٌ } غلمان { مُّخَلَّدُونَ } أي لا يموتون عن مجاهد ، وقال الكلبي : لا يهرمون ولا يكبرون ولا ينقصون ولا يتغيرون ، وليس كخدم الدنيا يتغيرون من حال إلى حال . ابن كيسان : يعني [ ولداناً مخلدين ] لا يتحولون من حالة إلى حالة ، عكرمة : منعمون . سعيد بن جبير : مقرّطون . قال المؤرّخ : ويقال للقرط الخلد . قال الشاعر : @ ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أفاوز الكثبان @@ وقال علي والحسن : " هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها ، لأن الجنة لا ولادة فيها " . وفي الحديث : " أطفال الكفار خدم أهل الجنة " . { بِأَكْوَابٍ } جمع كوب { وَأَبَارِيقَ } جمع إبريق ، سمي بذلك لبريق لونه { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } خمر جارية { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } لا تصدّع رؤوسهم عن شربها { وَلاَ يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } يختارون ويشتهون . أخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن حبش ، حدّثنا ذكّار ، حدّثنا هناد ، حدّثنا أبو معونة عن عبيد الله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة لطيراً فيه سبعون ألف ريشة ، فيجيء فيقع على صحيفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض ، فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج والبرد وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب " . { وَحُورٌ عِينٌ } قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي والمفضل بكسر الواو والنون أي وبحور عين ، أتبعوا الآخر الأول في الإعراب على اللفظ وإن اختلفا في المعنى ، لأن الحور لا يطاف بهنَّ ، كقول الشاعر : @ إذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيونا @@ والعين لا تزجج وإنما تكحل . وقال الآخر : متقلداً سيفاً ورمحاً ، ومثله كثير . وقرأ إبراهيم النخعي واشهب العقيلي : ( وحوراً عيناً ) بالنصب ، وكذلك هو في مصحف أُبيّ ، على معنى : ويزوّجون حوراً عيناً . وقال الأخفش : رفع بخبر الصفة ، أي لهم حور عين . وقيل : هو ابتداء وخبره فيما بعده . أخبرنا الحسين ، حدّثنا محمد بن الحسن بن صقلاب ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن بشير ابن يوسف بن النضر ، حدّثنا بكر بن سهل الدمياطي ، حدّثنا عمرو بن هاشم ، حدّثنا سليمان بن أبي كرعة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أُم سلمة قالت : قلت : " يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّوجل { وَحُورٌ عِينٌ } ؟ قال : " حور بيض عين ضخام العيون " " . أخبرنا ابن فنجويه ، حدّثنا ابن صقلاب ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الخصيب حدّثني محمد بن غالب حدّثنا الحرث بن خليفة ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عبدالعزيز بن صهيب ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خلق الحور العين من الزعفران " . وأخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن يودة ، حدّثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزاز ، حدّثنا سليمان بن عبدالرحمن ابن بنت شرحبيل ، حدّثنا خالد بن يزيد ، عن أبي مالك ، عن أبيه عن خالد بن معدان ، عن أبي أُمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من عبد يدخل الجنة إلاّ وهو يزوّج ثنتين وسبعين زوجة ، ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار ، وليس منهن امرأة إلاّ ولها قُبل شهيّ وله ذكر لا ينثني " . وأخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا أحمد بن محمد بن علي ، حدّثنا عثمان بن نصر البغدادي ، حدّثنا محمد بن مهاجر أبو حنيف ، حدّثنا حلبس بن محمد الكلابي ، حدّثنا سفيان الثوري ، عن منصور أو المغيرة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يسطع نور في الجنة فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : ضوء ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها " . وروي أن الحوراء إن مشت سُمع تقديس الخلاخيل من ساقيها وتمجيد الأسورة من ساعديها ، وإن عقد الياقوت يضحك من نحرها ، وفي رجليها نعلان من ذهب شراكها من لؤلؤ تصرّان بالتسبيح . وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول : اخطب زوجة ( لا تسلبها ) منك المنايا ، وأعرس بها في دار لا يخربها دوران البلايا وشبّك لها حجله لا تحرقها نيران الرزايا . وقال مجاهد : سميت حوراً لأنه يحار فيهن الطرف . { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } المخزون في الصدف الذي لم تمسّه الأيدي { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } في نصبهما وجهان : أحدهما : إتباع للقيل . والثاني : على ( يسمعون سلاماً ) ، ثم رجع إلى ذكر منازل أصحاب الميمنة فقال { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } لا شوك فيه ، كأنه خضّد شوكها أي قطع ونزع . ومنه الحديث في المدينة : " لا يخضد شوكها ولا يعصر شجرها " وهذا قول ابن عباس وعكرمة وقسامة بن زهير . وقال الحسن : لا تعقر الأيدي . قتادة : هو الذي لا يرد اليد منها شوك ولا بعد . وقال الضحّاك ومجاهد ومقاتل بن حيان : هو الموقر حملا . قال سعيد بن جبير : ثمرها أعظم من الفلال . وقال ابن كيسان : هو الذي لا أذى فيه . قال : وليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما تكون في الدنيا من الباقلاء وغيره ، بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه . قال أبو العالية والضحّاك : نظر المسلمون إلى وجَّ وهو واد مخصب بالطائف ، وأعجبهم سدرها . وقالوا : يا ليت لنا مثل هذا ، فأنزل الله عزّوجل { وَطَلْحٍ } وموز واحدتها طلحة ، عن أكثر المفسرين . وقال الحسن : ليس هو موزاً ولكنه شجر له ظلّ بارد طيب . وقال الفراء وأبو عبيدة : الطلح عند العرب شجر عظام لها شوك . قال بعض الحداة : @ بشرها دليلها وقالا غداً ترين الطلح والجبالا @@ وأخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا ابن حيان ، حدّثنا ابن مروان ، حدّثنا أُبي ، حدّثنا إبراهيم بن عيسى ، حدّثنا علي بن علي قال : زعم أبو حمزة الثمالي عن الحسن مولى الحسن بن علي أن علياً قرأ : وطلعٌ منضود . وأنبأني عقيل ، أنبأنا المعافي محمد بن جرير ، حدّثنا سعيد بن يحيى ، حدّثنا أُبي ، حدّثنا مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن سعد قال : قرأ رجل عند علي رضي الله عنه { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } فقال علي : " وما شأن الطلح ؟ إنما هو طلع منضود " ثم قرأ " طلع منضود " . فقلت : إنها في المصحف بالحاء فلا تحوّلها ؟ فقال : " إن القرآن لا يهاج [ اليوم ] ولا يحوّل " . والمنضود : المتراكم الذي قد نُضد بأكمله من أوله إلى آخره ، ليست له سوق بارزة . قال مسروق : أشجار الجنة من عروقها إلى أغصانها ثمر كله .