Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ } يعني { هُوَ ٱلأَوَّلُ } قبل كل شيء بِلا حَد ولا ابتداء ، كان هو ولا شيء موجود { وَٱلآخِرُ } بعد فناء كل شيء { وَٱلظَّاهِرُ } الغالب العالي على كل شيء ، وكل شيء دونه { وَٱلْبَاطِنُ } العالم بكل شيء ، فلا أحد أعلم منه . وهذا معنى قول ابن عباس . وقال ابن عمر : الأول بالخلق والآخر بالرزق ، والظاهر بالاحياء والباطن بالإماتة . وقال الضحّاك : هو الذي أول الأول وآخر الاخر ، وأظهر الظاهر وأبطن الباطن . مقاتل بن حيان : هو الأول بلا تأويل أحد ، والآخر بلا تأخير أحد والظاهر بلا إظهار أحد والباطن بلا إبطان أحد . وقال يمان : هو الأول القديم ، والآخر الرحيم ، والظاهر الحليم ، والباطن العليم . وقال محمد بن الفضل : الأول ببرّه والآخر بعفوه ، والظاهر بإحسانه والباطن بسرّه . وقال أبو بكر الوراق : هو الأول بالأزلية والآخر بالأبدية ، والظاهر بالأحدية والباطن بالصمدية . عبد العزيز بن يحيى : هذه الواوات مقحمة والمعنى : هو الأول الآخر الظاهر الباطن ، لأن من كان منا أولا لا يكون آخراً ، ومن كان ظاهراً لا يكون باطناً . وقال الحسين بن الفضل : هو الأول بلا ابتداء ، والآخر بلا إنتهاء ، والظاهر بلا إقتراب ، والباطن بلا إحتجاب . وقال القناد : الأول السابق إلى فعل الخير والمتقدم على كل محسن إلى فعل الإحسان ، والآخر الباقي بعد فقد الخلق ، والخاتم بفعل الإحسان ، والظاهر الغالب لكل أحد ، ومن ظهر على شيء فقد غلبه ، والظاهر أيضاً : الذي يعلم الظواهر ويشرف على السرائر ، والظاهر أيضاً : ظهر للعقول بالإعلام وظهر للأرواح باليقين وإن خفي على أعين الناظرين ، والباطن الذي عرف المغيّبات وأشرف على المستترات ، والباطن أيضاً : الذي خفي عن الظواهر فلم يدرك إلاّ بالسرائر . وقال السدي : الأول ببرّه إذ عرّفك توحيده ، والآخر بجوده إذ عرّفك التوبة على ما جنيت ، والظاهر بتوفيقه إذ وفقك للسجود له ، والباطن بستره إذ عصيته فستر عليك . وقال ابن عطاء : الأول بكشف أحوال الدنيا حتى لا يرغبوا فيها ، والآخر بكشف أحوال العقبى حتى لا يشكّوا فيها ، والظاهر على قلوب أوليائه حتى يعرفوه ، والباطن عن قلوب أعدائه حتى ينكروه . وقيل : الأول قبل كل معلوم ، والآخر بعد كل مختوم ، والظاهر فوق كل مرسوم ، والباطن محيط بكل مكتوم . وقيل هو الأول بإحاطة علمه بذنوبنا قبل وجود ذنوبنا ، والآخر بسترها علينا في عقبانا ، والظاهر بحفظه إيانا في دنيانا ، والباطن بتصفية أسرارنا وتنقية أذكارنا . وقيل : هو الأول بالتكوين ، بيانه قوله { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] والآخر بالتلقين ، بيانه قوله { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ إبراهيم : 27 ] الآية . والظاهر بالتبيين بيانه { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] والباطن بالتزيين بيانه { وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } [ الحجرات : 7 ] . وقال محمد بن علي الترمذي : الأول بالتأليف والآخر بالتكليف والظاهر بالتصريف ، والباطن بالتعريف . قال الجنيد : هو الأول بشرح القلوب ، والآخر بغفران الذنوب ، والظاهر بكشف الكروب ، والباطن بعلم الغيوب . وسأل عمر كعباً عن هذه الآية فقال : معناها أن علمه بالأول كعلمه بالآخر وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن . وقيل : هو الأول بالهيبة والسلطان ، والآخر بالرحمة والاحسان ، والظاهر بالحجة والبرهان ، والباطن بالعصمة والامتنان . وقيل : هو الأول بالعطاء ، والآخر بالجزاء ، والظاهر بالثناء ، والباطن بالوفاء . وقيل : هو الأول بالبرّ والكرم ، والآخر بنحلة القسم ، والظاهر باسباغ النعم ، والباطن بدفع النقم . وقيل : هو الأول بالهداية ، والآخر بالكفاية ، والظاهر بالولاية ، والباطن بالرعاية . وقيل : هو الأول بالانعام ، والآخر بالاتمام ، والظاهر بالاكرام ، والباطن بالالهام . وقيل : هو الأول بتسمية الأسماء ، والآخر بتكملة النعماء ، والظاهر بتسوية الأعضاء ، والباطن بصرف الأهواء . وقيل : هو الأول بإنشاء الخلائق ، والآخر بافناء الخلائق ، والظاهر باظهار الحقائق ، والباطن بعلم الدقائق . وقال الواسطي : لم يدع للخلق نفساً بعد ما أخبر عن نفسه أنه الأول والآخر والظاهر والباطن . وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت الشبلي يقول : في هذه الآية أشياء ساقطة فإني أول آخر ظاهر باطن . { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } أخبرنا شعيب بن محمد أخبرنا مكي بن عبدان أخبرنا أحمد بن الأزهر حدّثنا روح بن عبادة ، حدّثنا سعيد عن قتادة قال : " ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال : " هل تدرون ما هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هذا العنان هذا روايا الأرض يسوقه الله عزّوجل إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه " ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنها الرقيع موج مكفوف وسقف محفوظ " . قال : " فكم تدرون بينكم وبينها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة " قال : " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن فوقها سماء أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة " حتى عدّد سبع سماوات بين كل سماءين مسيرة خمسمائة سنة . ثم قال : " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء السابعة مثلما بين سماءين " . ثم قال : " هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنها الأرض " . قال : " فهل تدرون ما تحتها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن تحتها أرضاً أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدّد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة " ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله " ثم قرأ { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } " ومعناه بالعلم والقدرة والخلق والملك . أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبا مكي ، أخبرنا أحمد بن منصور المروزي ، حدّثنا علي ابن الحسن ، حدّثنا أبو حمزة عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : " دخلت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته خادماً فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أدلك على ماهو خير لك من ذلك أن تقولي : اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت أخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقضِ عنّا الدين وأغننا من الفقر " " . { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أخبرني ابن فنجويه ، حدّثنا عمر بن الخطاب ، حدّثنا عبد الله بن الفضل حدّثني أحمد بن وركان ، حدّثنا علي بن الحسن بن شقيق قال : قلت لعبدالله بن المبارك : كيف نعرف ربنا عزّوجل ؟ قال : في السماء السابعة على عرشه ، ولا تقول كما قالت الجهمية : ههنا في الأرض . وقد ذكرنا معنى الاستواء وحققنا الكلام فيه فأغنى عن الإعادة . { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ } بالعلم والقدرة { أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ * يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ * آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } مملّكين ، معمرين فيه { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ } في ظهر آدم بان الله ربكم لا إله لكم سواه . قاله مجاهد . وقيل : { أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ } بأن ركّب فيكم العقول وأقام الحجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرسول . وقراءة العامة : بفتح الهمزة والقاف . وقرأ أبو عمرو بضمّهما على وجه ما لم يسمى فاعله . { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } يوماً من الأيام ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والأعلام على حقيقة الإسلام وصحة نبوة المصطفى ( عليه السلام ) .