Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 141-144)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } مسموكات مرفوعات وغير مرفوعات قال ابن عباس : معروشات ما انبسط على وجه الأرض وأنتثر ممّا يعرش مثل الكرم والقرع والبطيخ وغيرها ، وغير معروشات ما كان على ساق مثل النخيل وسائر الأشجار وما كان على نسق ، ومثل [ البروج ] ، وقال الضحاك : معروشات وغير معروشات الكرم خاصة منها ما عرش ومنها ما لم يعرش . وروي عن ابن عباس إيضاً أنَّ المعروشات ما عرش الناس ، وغير معروشات ما خرج في البراري والجبال من الثمار . يدلّ عليه قراءة علي ( معروشات وغير معروشات ) بالغين والسين . ( والنخل ) يعني وأنشأ { وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } ثمره وطعمه الحامض والمرّ والحلو والجيّد والرديء وارتفع معنى الأكل [ ومختلفاً نعته ] إلاّ أنّه لمّا تقدّم النعت على الاسم وولي منصوباً نصب ، كما تقول : عندي طبّاخاً غلام وأنشد : @ الشر منتشر لقاك ( من مرض ) والصالحات عليها مغلقاً باب @@ { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً } في المنظر { وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } في الطعم مثل الرمانتين لونهما واحد وطعمهما مختلف ، إحداهما حلوة والأخرى حامضة وقد مرّ القول فيه { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } ولا تحرّموه كفعل أهل الجاهلية { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } قرأ أهل مكّة والمدينة والكوفة حِصاده بكسر الحاء والباقون بالفتح ، وهما واحدة كالجَداد والجِداد [ والصَرام والصِرام ] واختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال ابن عباس وطاووس والحسن وجابر بن زيد ومحمد ابن الحنفية وسعيد بن المسيب والضحاك وابن زيد : [ هي الزكاة ] المفروضة العُشْر ونصف العشر . وقال عليّ بن الحسين وعطاء وحمّاد والحكم : هو حق في المال سوى الزكاة . قال مجاهد : إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل ، وإذا جذذت فألف لهم من الشماريخ ، وإذا درسته ودسته وذرّيته فاطرح لهم منه ، وإذا كدسته ونقيته فاطرح لهم منه ، وإذا عرفت كيله فاعزل زكاته . وقال إبراهيم : هو الضغث ، قال الربيع : لقاط السنبل . قال مجاهد : كانوا يعلّقون العذق عند الصرام فيأكل منه الضيف [ ومن مرَّ به ] . قال زيد بن الأصم : كان أهل [ الجاهليّة ] إذا صرموا يجيئون بالعذق فيُعلّقونه في جانب المسجد فيجيء المسكين فيضربه بعصاه فيسقط منه ويأخذه . وقال سعيد بن جبير وعطيّة : كان هذا قبل الزكاة فلمّا فرض الزكاة نسخ هذا . وقال سفيان والسدي : سألت عن هذه الآية فقال : نسخها العشر ونصف العشر ، قلت : ممّن ؟ فقال : من العلماء مقسّم عن ابن عباس : نسخت الزكاة كلّ [ صدقة ] في القرآن . { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } كان رجال [ ينفقونها بالحرام ] فيقول الرجل لا أمنع سائلا حتّى [ أمسي ] فعمد ثابت بن قيس بن شمّاس إلى خمس مائة نخلة فجذها ثمّ قسّمها في يوم واحدولم يترك لأهله شيّئاً فنزلت ( ولا تُسرفوا ) أي لا تعطوا كلّه ، وقال السدي : لا تُسرفوا لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء ، وقال سعيد بن المسيّب : لا تمنعوا الصدقة ، وقال [ يمان بن رئاب ] : ولا تُبذّروا تبذيراً ، مجاهد وعطية العوفي : ولا تتركوا الأصنام في الحرث والأنعام . وقال الزهري : [ فوقعوا في ] المعصية ، وقال مجاهد : لو كان أبو قبيس ذهباً لرجل فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفاً ولو أنفق درهماً أو مدّاً في معصية الله [ كان ] مسرفاً ، وفي هذا المعنى قيل لحاتم الطائي : لا خير في السرف فقال : لا سرف في الخير . وقال محمد بن كعب : السرف أن لا يعطي في حق ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الإسراف ما لا يقدر على ردّه إلى الصلاح ، والفساد ما يقدر على ردّه إلى الصلاح . قال النضر بن شميل : الإسراف التبذير والإفراط ، والسرف الغفلة والجهل . قال الشاعر : @ أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية مافي عطائهم منٌ ولا سرف @@ قال إياس بن معاوية : ما تجاوز أمر الله فهو سرف ، وروى ابن وهب عن ابن زيد قال : الخطاب [ للمساكين ] يقول : لا تأخذوا فوق حقّكم . { وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ } يعني أنشأ من الأنعام { حَمُولَةً } بمعنى كلّ ما محمّل عليها ويركب مثل كبار الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير ، سمّيت بذلك لأنّها تحمل أثقالهم ، قال عنترة : @ ما دعاني إلا حمولة أهلها وسط الديار ( تسف ) حب الخمخم @@ والحمولة الأحمال . وقال أهل اللغة : الفعولة بفتح الفاء إذا كانت [ يعني ] الفاعل استوى فيه المذكّر والمؤنّث نحو قولك : رجل فروقة وامرأة فروقة للجبان والخائف ، ورجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجا ، وإذا كانت بمعنى المفعول فرّق بين الذكر والأُنثى بالهاء كالخلويّة والزكويّة { وَفَرْشاً } والفرش ما يؤكل ويجلب ولا يحمل عليه مثل الغنم والفصلان والعجاجيل ، سمّيت فرشاً للطافة أجسامها وقربها من الفرش . هي الأرض المستوية ، وأصل الفرش الخفة واللطافة ومنه فراشة العقل وفراش العظام ، والفرش أيضاً نبت ملتصق بالأرض ( تأكله ) الإبل قال الراجز : @ كمفشر الناب تلوك الفرشا والفرش : صغار الأولاد من الأنعام @@ وقال الراجز : @ أورثني حمولة وفرشاً أمشها في كلّ يوم مشاً @@ { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } ما حرم الحرث الأنعام { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ثمّ بيّن الحمولة والفرش فقال : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } نصبها على البدل من الحمولة [ بالفرض ] يعني [ واحد من ] الأنعام ثمانية أزواج أي أصناف { مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } فالذكر زوج والأُنثى زوج والضأن والنعاج جمعه ، واحده : ضائن ، والأُنثى : ضائنة ، والجمع : ضوائن . قرأ الحسن وطلحة بن مصرف : الضأن مفتوحة الهمزة ، والباقون ساكنة الهمزة ، تميم بهمزة وسائر لا بهمزة { وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } والمعز المعزى لا واحد له من لفظه ، وأمّا الماعز فجمعه معيزة وجمع الماعزة مواعز ، وقرأ أهل المدينة والكوفة : من المعز ساكنة العين والباقون بالفتح ، وفي مصحف أُبيّ : من المعزى ، وقرأ أبان بن عثمان : من الضأن اثنان ومن المعز اثنين ، قل يا محمد : { ءَآلذَّكَرَيْنِ } حرّم الله عليكم ؟ ذكر الضأن { حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ } والمعز ؟ أم أُنثييهما [ والنصب ] قوله { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } منهما { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ } . وذلك أنّهم كانوا يقولون هذه أنعام [ وحرث حجر ] ، وقالوا : أمّا في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا ، فحرّموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام . " فلما قام الإسلام وثبتت الأحكام جادلوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وكان خطيبهم يومئذ مالك بن عوف وأبو النضر [ النصري ] فقال : يا محمد [ رأينا ] أنّك تحرّم ما كان أباؤنا يفعلونه ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم قد حرّمتم أصنافاً من النعم على [ غير … ] إن الله خلق هذه الأزواج الثمانية للأكل والانتفاع بها فمن أين حرمت ذكران هذه النعم على نسائكم دون رجالكم ؟ فإن زعمتم أن تحريمه من أجل الذكران وجب أن تحرموا كل ذكر ، لأن للذكر فيها حظاً ، وإن زعمتم أنّ تحريمه من جهة الأنثى وجب أن تحرموا كل انثى لأن للأناث فيها حظّاً ، وإن زعمتم أن تحريمه لإجتماع الذكر والأنثى فيه وما اشتمل الرحم عليه وجب أن تحرّموا الذكر والأنثى والحي والميّت ، لأنَّه لا يكون ولد إلاّ من ذكر وأنثى ولا يشتمل الرحم إلاّ على ذكر وأنثى ، فَلِم تحرمون بعضاً وتحّلون بعضاً ؟ فسكت . فلما لزمته الحجّة أخذ بالإفتراء على الله فقال : كذا أمرنا الله فقال الله تعالى { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ } [ حضوراً ] { إِذْ وَصَّاكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } " . { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } .