Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 59-67)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } المفاتح جمع المفتح . وقرأ ابن السميقع : بمفاتيح على جمع المفتاح ، يعني ومن عنده معرفة الغيب وهو يفتح ذلك بلطفه ، واختلفوافي مفاتيح الغيب . فروى عبد اللّه بن عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مفاتح الغيب خمس … إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن اللّه عليم خبير " . وقال السدي : مفاتح الغيب خزائن الغيب . مقاتل ، والضحّاك : يعني خزائن الأرض . وعلم نزول العذاب متى ينزل بكم . عطاء : يعني ما غاب عنكم من الثواب والعقاب وما يصير إليه أمري وأمركم ، وقيل : هي الآجال ووقت انقضائها ، وقيل : أحوال العباد من السعادة والشقاوة ، وقيل : عواقب الأعمار وخواتيم الأعمال ، وقيل : هي ما لم يكن بعد إنه يكون أم لا يكون وما يكون كيف يكون وما لا يكون أن لو كان كيف يكون . وقال ابن مسعود : أوتي نبيّكم علم كل شيء إلاّ مفاتيح الغيب { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } . قال مجاهد : البر القفار والبحر كل قرية فيها ماء { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } . قال ابن عباس : ما شجرة في بر ولا بحر إلاّ وبها ملك وكّل يعلم من يأكل وما يسقط من ورقها وقل منكم عند ما بقي من الورق على الشجر وما سقط منها . وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر بن عبدوس يقول : معناه يعلم كما تقلبت ظهراً لبطن إلى أن سقطت على الأرض { وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ ٱلأَرْضِ } أي في بطون الأرض ، وقيل : تحت الصخرة في أسفل الأرضين { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ } قال ابن عباس : الرطب الماء ، واليابس البادية . وقال عطاء : يريد ما ينبت وما لا ينبت . وقال الحسن : يكتبه اللّه رطباً ويكتبه يابساً لتعلم يا بن آدم إن عملك أولى بها [ من إصلاح ] تلك الجنة . وقال : الرطب لسان المؤمن رطب بذكر اللّه ، واليابس لسان الكافر لا يتحرك بذكر اللّه . وبما يرضي اللّه عز وجل . وقيل : هي الأشجار والنبات . وروى الأعمش عن أبي زياد عن عبد اللّه بن الحرث ، فقال : ما في الأرض من شجرة ولا كمغرز إبرة إلاّ عليهاملك وكل يأتي اللّه بعلمها ويبسها إذا يبست ورطوبتها إذا رطبت . محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من زرع على الأرض ولا ثمار على أشجار [ ولا حبة في ظلمات الأرض ] إلاّ عليها مكتوب : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، رزق فلان ابن فلان وذلك قوله تعالى في محكم كتابه { ومَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ } " . { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ * وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِٱللَّيْلِ } أي يقبض أرواحكم في منامكم { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ } وأصله من [ جارحة ] اليد . ثم قيل لكل عليك جارح أي عضو من أعضائه عمل ومنه [ الزرع الجيد ] ، ويقال لا ترك اللّه له جارحاً أي عبداً ولا أمة يكسب له { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ } أي ينشركم ويوقظكم { فِيهِ } في النار { لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى } يعني أجل الحياة إلى الممات حتى ينقضي أثرها ورزقها . فقرأ أبو طلحة وأبو رجاء بالنون المفتوحة أجلاً نصب ، وفي هذا إقامة الحجة على منكري البعث يعني كما قدرت على هذا فكذلك أقدر على بعثكم بعد الموت . وقال : مكتوب في التوراة : يا ابن آدم كما تنام كذلك تموت وكما توقظ كذلك تبعث { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة { ثُمَّ يُنَبِّئُكُم } يخبركم ويجازيكم { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } يعني الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم وهو جمع حافظ ، ونظيره قوله { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } [ الإنفطار : 10 ] قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : ومن الناس من يعيش شقيّاً جاهل القلب ، غافل اليقظة ، فإذا كان ذا وفاء ورأى حذر الموت واتقى الحفظة ، إنما الناس راحل ومقيم الذي راح للمقيم عظة { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } يعني أعوان ملك الموت يقبضونه ثم يدفعونه إلى ملك الموت { وَهُمْ يُفَرِّطُونَ } لا يعصون ولا يضيعون . وقرأ عبيد بن عمر : لا يفرطون بالتخفيف معنى لا يجاوزون الحد { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ } يعني الملائكة وقيل : يعني العباد { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ } القضاء في خلقه { وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ } يعني لا يحتاج إلى رويّة ولا تقدير { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } إذا ضللتم الطريق وخفتم الهلاك { تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } وقرأ عاصم : وخفية وهما لغتان . وقرأ الأعمش وخفية من الخوف كالذي في الأعراف { لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ } أي ويقولون لئن أنجيتنا من هذه يعني الظلمات { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } من المؤمنين { قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ } حزن { ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ } يعني الصيحة والحجارة والريح والطوفان كما فعل بعاد وثمود وقوم شعيب وقوم لوط وقوم نوح { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } يعني الخسف كما فعل بقارون . وقال مجاهد : عذاباً من فوقكم السلاطين ، الذين من تحت أرجلكم العبيد السوء . الضحّاك : عذاباً من فوقكم من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم من أسفل منكم { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أو يخلقكم ويفرق ويبث فيكم الأهواء المختلفة { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } يعني السيوف المختلفة بقتل بعضكم بعضاً كما فعل ببني إسرائيل ، " فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " يا جبرئيل ما بقاء أمتي على ذلك ؟ فقال له جبرائيل : إنما أنا عبد مثلك " فسل ربك ؟ فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وتوضأ وصلى وسأل ربه فأعطى آيتين ومنع واحدة ، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " سألته أن يبعد على أمتي عذاباً من فوقهم ومن تحت أرجلهم فأعطاني ذلك ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني ، وأخبرني جبرئيل ( عليه السلام ) أن فناء أمتي بالسيف " . وقال الزهري : " راقب خباب بن الأرت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يصلي فلما فرغ ، قال : وقت الصباح لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها ، قال : أجل إنها صلاة رغبة ورهبة سألت ربي فيها ثلاثاً وأعطاني إثنتين ، وزوى عني واحدة ، سألته أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم فأعطاني ، وسألته أن لا يرسل عليهم سنة فتهلكهم فأعطاني ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فزواها عني " . { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ } قرأ إبراهيم بن عبلة وكذبت بالتاء { بِهِ } أي بالقرآن وقيل : بالعذاب { قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أي حفيظ ورقيب وقيل : مسلط ( إِنَّمَآ ) أنا رسول { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ } موضع قوله وحقيقة ومنتهى ينتهي إليه فيتبين صدقه من كذبه وحقه من باطله . قال مقاتل : لكل خبر يخبره اللّه تعالى وقت ومكان يقع فيه من غير خلف ولا تأخير . قال الكلبي : لكل قول أو فعل حقيقة ما كان منه في الدنيا فستعرفونه . وما كان منه في الآخرة فسوف يبدو لهم { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } ذلك . وقال الحسن : لكل عمل جزاء فمن عمل عملاً من الخير جوزي به الجنة ، ومن عَمِل عَمَل سوء جوزي به النار ، وسوف تعلمون يا أهل مكة . وقال السدي : لكل نبأ مستقر أي ميعاد وحد تكتموه ، فسيأتيكم حتى تعرفوه . وقال عطاء : لكل نبأ مستقر يؤخر عقوبته ليعمل ذنبه فإذا عمل ذنبه عاقبه . قال الثعلبي : ورأيت في بعض التفاسير إن هذه الآية نافعة من وجع الضرس إذا كتبت على كاغد ووضع عليه السن .