Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 68-73)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } يعني القرآن الإستهزاء والكذب { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } فاتركهم ولا تجالسهم { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ } يدخلوا { فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } غير القرآن ، وذلك إن المشركين كانوا إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فسبوا واستهزؤا بالقرآن ، فنهى اللّه المؤمنين عن مجالستهم { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ } . قرأ ابن عباس وابن عامر : ينسونك بالتشديد { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } فقم من عندهم بعد ما ذكرت ثم قال { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الخوض { مِنْ حِسَابِهِم } من أيام الخائضين { مِّن شَيْءٍ } . قال ابن عباس : قال المسلمون : فإنا نخاف الإثم حين نتركهم فلا ننهاهم فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية . وقال ابن عباس في رواية أخرى : قال المسلمون : لئن كنا كلما استهزأ المشركون في القرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت فنزل { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } { وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ } أي ذكروهم وعظوهم وهي في محل النصب على المصدر أي ذكروهم ذكرى والذكر والذكرى واحد ويجوز أن يكون في موضع الرفع أي هو ذكرى { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الخوض إذا وعظتموهم ، وقيل : وإذا قمتم يسعهم في ذلك من الإستهزاء والخوض . وقيل : لعلهم يستحيون { وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً } باطلاً وفرحاً { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } وذلك أن اللّه تعالى جعل لكل قوم عيداً يعظمونه ويصلون فيه فكان قوم إتخذوا عيدهم لهواً ولعباً إلاّ أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم اتخذوا عيدهم صلاة للّه . وذكرا مثل الجمعة والفطر والنحر { وَذَكِّرْ بِهِ } وعظ بالقرآن { أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ } يعني أن لا تبسل كقوله تعالى بين اللّه لكم أن تضلوا . ومعنى الآية ذكرهم ليؤمنوا فلا تبسل نفس بما كسبت . قال ابن عباس : تهلك ، قتادة : تحيس . الحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي : تسلم للهلكة . علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس : تفضح . الضحاك : تفضح وتحرق . المؤرخ ، وابن زيد : تؤخذ . قال الشاعر : @ وإبسالي بني بغير جرم بعونها ولا بدم مراق @@ العوف بن الأحوض : وكان رهن بيته وحمل عن غنى لبني قشير دم السحقية . فقالوا : لا نرضى بك ، فدفعهم رهناً ، وقوله بعونا أي جنيناً ، والبعو الجناية . وقال الأخفش : تبسل أي تجزى . وقال الفراء : ترتهن . وأنشد النابغة الجعدي : @ ونحن رهناً بالأفاقة عامراً بما كان في الدرداء رهنا فأبسلا @@ وقال عطية العوفي : يسلم في خزية جهنم . وقال أهل اللغة : أصل الإبسال التحريم ، يقال : أبسلت الشيء إذا حرمته ، والبسل الحرام . قال الشاعر : @ بكرت تلومك بعد وهن في الندى بسل عليك ملامتي وعتابي @@ فقال : أنشدنا بسل أي شجاع لا يقدّر موته كأنه قد حرم نفسه ثم جعل ذلك نعتاً لكل شديد . يترك ، ويبقى . ويقال : شراب بسل أي متروك . قال الشنفرى : @ هنالك لا أرجو حياة تسرني سمير الليالي مبسلاً بالجرائر @@ وقوله تعالى { لَيْسَ لَهَا } أي لتلك الأنفس { مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ } حميم وصديق { وَلاَ شَفِيعٌ } يشفع لهم في الآخرة { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ } تفد كل فداء ، { لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ } . قال أبو عبيدة : وإن يقسطه كل قسط لا يقبل منها لأن التوبة في الحياة { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ * قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر حين دعا أباه إلى الكفر فأنزل اللّه تعالى قل أندعوا من دون اللّه { مَا لاَ يَنفَعُنَا } إن عبدناه { وَلاَ يَضُرُّنَا } إن تركناه { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } إلى الشرك { بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } . وتقول العرب لكل راجع خائب لم يظفر بحاجته : ردّ على عقبيه ونكص على عقبيه فيكون مثله { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ } أي أضلته . وقال ابن عباس ( رضي الله عنه ) : كالذي استغوته الغيلان في المهامة وأضلوه وهو حائر بائر { فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ } وحيران نصب على الحال . وقرأ الأعمش ، وحمزة : كالذي إستهوا به ، بالباء . وقرأ طلحة : إستهواه بالألف . وقرأ الحسن : إستهوته الشياطون وفي مصحف عبد اللّه وأُبي إستهواه الشيطان على الواحد . { لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا } يعني أتوا به ، وقيل : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ } أي لأن نسلم { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } إلى قوله { يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } . قال أبو عبيدة : هو جمع صورة مثل سورة وسور . قال العجاج : @ ورب ذي سرادق محجور سرت إليه في أعالي السور @@ وقال آخرون : هو فرن ينفخ فيه بلغة أهل اليمن . وأنشد العجاج : @ نطحناهم غداة الجمعين بالضابحات في غبار النقعين نطحاً شديداً لا كنطح الصورين @@ يدل على هذا الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كيف أنعم صاحب القرن قد أكتم القرن [ وحنى حنينه ] وأصغى سمعه فنظر متى يؤمر فنفخ ، ثم قال { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } .