Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 1-9)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } قدّم الموت على الحياة لأنّهُ إلى القهر أقرب ، كما قدّم البنات على البنين في قوله : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } [ الشورى : 49 ] . قال قتادة : أذلّ اللّه إبن آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء ، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء . وقيل : قدّمه لأنّهُ أقدم ، وذلك أنّ الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموات كالنطفة والتراب ونحوها ، ثم اعترصت عليها الحياة . قال ابن عباس : خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمرّ بشيء ولا يجد ريحه شيء إلاّ مات ، وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء ، وهي التي كان جبرئيل والأنبياء ( عليهم السلام ) يركبونها ، خطوها مد البصر ، وهي فوق الحمار ودون البغل ، لا تمر بشيء ، ولا تطأ شيئاً ولا يجد ريحها شيء إلاّ حيّ ، وهي التي أخذ السامري من أثرها ؛ فألقاها على العجل فحيى . { لِيَبْلُوَكُمْ } فيما بين الحياة إلى الموت ، { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أخبرنا الحسن بن محمد بن فنجويه ، حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن برزة ، حدّثنا الحرث بن أُسامة ، حدّثنا داود بن المحر ، حدّثنا عبد الواحد بن زياد العبدي عن كليب بن وائل عن إبن عمر " عن النبي ( صلّى اللّه عليه وسلم ) أنّه تلا ( تبارك الذي بيده الملك ) حتى بلغ إلى قوله ( أيكم أحسن عملا ) . ثم قال : أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم اللّه ، وأسرعكم في طاعة اللّه " . وبإسناده عن داود بن المحر ، حدّثنا ميسر عن محمد بن زيد عن أبي سلمة عن أبي قتادة قال : قلت : " يا رسول اللّه أرأيت قول اللّه تعالى { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ما عُني به ؟ قال : " يقول أيّكم أحسن عقلا " " . وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " أتمّكم عقلا وأشدّكم لله خوفاً ، وأحسنكم فيما أمر اللّه تعالى به ونهى عنه نظراً وإن كان أقلكم تطوعاً " . أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدّثنا أَبُو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن أحمد ، حدّثنا أَبُو بكر بن أبي الدّنيا القرشي ، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن بن سقيق عن إبراهيم عن الأشعث عن فضيل بن عَياض { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } قال : أخلصه وأصوبه ، قلت : ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إنّ العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتّى يكون خالصاً صواباً ، والخالص : إذا كان للّه ، والصّواب : إذا كان على السُنّة . وقال الحسن : يعني أيّكم أزهد في الدنيا زهداً ، وأترك لها تركاً . وقال سهل : أيّكم أحسن توكّلا على اللّه . قال الفرّاء : لم يرفع البلوى على أي ؛ لأنّ فيما بين أي والبلوى إضماراً وهو كما يقول في الكلام : بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع ، ومثله { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } [ القلم : 40 ] أي سلهم وانظر أيّهم . فأيّ رفع على الابتداء وأحسن خبره . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ * ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } طبقا على طبق ، بعضها فوق بعض ، يقال : أطبقت الشيء إذا وضعت بعضه فوق بعض . قال أبان بن تغلب : سمعت بعض الأعراب يذمّ رجلا فقال : شرّه طباق ، وخيره غير باق . قال سيبويه : ونصب طباقاً لأنّه مفعول ثان . { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ } قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي : من تفوّت بغير ألف ، وهي اختيار أبي عبيد وقراءة عبد اللّه وأصحابه . أخبرنا عبد اللّه بن حامد الورّاق ، أخبرنا مكي بن عبدان ، حدّثنا عبد اللّه بن هاشم ، حدّثنا يحيى بن سعيد القّطان عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه أنّه كان يقرأ : من تفوّت . قال الأعمش : فذُكرتْ لأبي رزين فقال : لقد سمعتها من عبد اللّه فيما قبلتها وأخذتها ، وقرأ تفاوت ، وهي قراءة الباقين واختيار أبي حاتم وهما لغتان مثل التّعهد التّعاهد ، والتحمّل والتحامل ، والتطّهر والتطاهر . ومعناه : ماترى في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض وتباين ، بل هي مستوية مستقيمة ، وأصله من الفوت ، وهي أَنْ يفوت بعضها بعضاً لقلّة استوائها ، يدلّ عليه قول إبن عبّاس : من تفرق . { فَٱرْجِعِ } فَردّ { ٱلْبَصَرَ } قال الفراء : إنّما قال فارجع وليس قبله فعل مذكور فيكون الرجوع على ذلك الفعل ؛ لأَنّ مجاز الكلام : أُنظر ثمّ ارجع البصر . { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } فتوق وشقوق وخروق . الضحّاك : اختلاف وشطور ، عطية : عيب ، إبن كيسان : تباعد ، القرظي : قروح ، أَبُو عبيدة : صدوع قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود : @ شققت القلب ثم ذررت فيه هواك فليم فالتأم الفطورُ @@ وقال آخر : @ تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا سُكر ولم يبلغ سرور @@ وقال آخر : @ بنى لكمُ بلا عمد سماءً وزيّنها فما فيها فطور @@ { ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ } رُدَّ البصر وكرّر النظر { كَرَّتَيْنِ } مرتين ، { يَنْقَلِبْ } ينصرفْ ويرجع { إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً } خاشعاً ، ذليلا ، مبعداً { وَهُوَ حَسِيرٌ } يعني كليل ، منقطع لم يُدرك ماطلب قال الشاعر : @ نظرتُ إليها بالمحصب من منى فعاد إليّ الطرفُ وهو حسير @@ أخبرنا إبن فنجويه ، حدّثنا موسى بن محمد ، حدّثنا الحسن بن علويه ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، حدّثنا المسيب ، حدّثنا إبراهيم البكري عن صالح بن جبار عن عبد اللّه بن يزيد عن أبيه ، قال المسيب : وحدّثنا أَبُو جعفر عن الرّبيع عن كعب قالا : السماء الدنيا موج مكفوف ، والثانية مرمرة بيضاء ، والثالثة حديد ، والرابعة صفر وقال نحاس والخامسة فضة ، والسادسة ذهب والسّابعة ياقوتة حمراء ، وبين السّماء السّابعة إلى الحجب السبعة صحاري من نور ، واسم صاحب الحجب " فنطاطروس " . { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } أي الكواكب ، واحدها مصباح وهو السراج . { وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً } مرمىً { لِّلشَّيَاطِينِ } إذا اخترقوا السّمع ، { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ } في الآخرة { عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } ما جعلنا لهم في الدنيا من الشهب ، و { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } أيضاً { عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً } صوتاً كصوت الحمار { وَهِيَ تَفُورُ } تزفر وتغلي بهم كما يغلي القدر . وقال مجاهد : تفور بهم كما يفوّر الحبّ القليل في الماء الكثير . { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } يتفرق بعضها من بعض على أهلها غيظاً وانتقاماً للّه تعالى { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } قومٌ { سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } رسول في الدنيا { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا } للرُسُل { مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } .