Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 117-136)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } فألقاها { فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ } تبتلع ، ومَنْ قرأ تلقف ساكنة اللام خفيفة القاف فهو من لقف يلقف ، ودليله قراءة سعيد بن جبير : تلقم من لقم يلقم . { مَا يَأْفِكُونَ } يُكذّبون ، وقيل : يقلبون ويزوّرون على الناس فأكلت سحرهم كله فقالت السحرة : لو كان هذا سحراً لبقت حبالنا وعصينا . فذلك قوله : { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ } أي ظهر . قال النضير بن شميل : فوقع الحق أي فزعهم وصدّعهم [ كوقع الميقعة ] { وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من السحر { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ } وبطل ما كانوا يعملون { وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } ذليلين ومقهورين . { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } لله حيث عرفوا أنّ ذلك أمر سماوي وليس سحراً ، وقيل : ألهمهم الله ذلك ، وقال الأخفش : من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فقال فرعون : إياي تعنون فقالوا { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } . قال عطاء : فكان رئيس السحرة بأقصى مدائن مصر وكانا أخوين فلمّا جاءهما رسول فرعون قالا لأُمّهما [ دلّينا ] على قبر أبينا فدلتهما عليه فأتياه فصاحا باسمه فأجابهما فقالا : إن الملك وجه إلينا رسولاً أن نقدم عليه ، لأنّه أتاه رجلان ليس معهما رجال ولا سلاح ولهما [ عزّ ومنعة ] وقد ضاق الملك ذرعاً من عزّهما ، ومعهما عصا إذا ألقياها لا يقوم لهما [ شيء ] تبلغ الحديد والحجر والخشب . فأجابهما أبوهما : انظرا إذا هما ناما فإنّ قدرتما أن تسلا العصا فسلاّها فإنّ الساحر لا يعمل سحره إذا نام ، وإن عملت العصا وهما نائمان فذلك أمر ربّ العالمين ، ولا طاقة لكما به ولا الملك ولا جميع أهل الدنيا ، فأتاهما في خفية وهما نائمان ليأخذا العصا فقصدتهما العصا قاله مقاتل . قال موسى للساحر الأكبر : تؤمن بيّ إن غلبتك فقال لآتينَ بسحر لا يغلبه سحر ولئن غلبتني لأؤمنن بك وفرعون ينظر { قَالَ } لهم فرعون حين آمنوا { آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ } صنيع وخديعة { مَّكَرْتُمُوهُ } صنعتموه أنتم وموسى { فِي ٱلْمَدِينَةِ } في مصر قبل خروجكم إلى هذا الموضع . { لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا } بسحركم { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } ما أفعل بكم . { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } وهو أن يقطع من شق طرفا قال سعيد بن جبير : أوّل مَنْ قطع من خلاف فرعون { ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } على شاطئ نهر مصر { قَالُوۤاْ } يعني السحرة لفرعون { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } راجعون في الآخرة { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ } قرأ العامّة بكسر القاف . وقرأ الحسن وابن ( المحيصن ) بفتح القاف وهما لغتان نقَم ينقَم ونقم ينقِم . قال الشاعر : @ وما نقموا من بني أميّة إلا أنّهم يحلمون إن غضبوا @@ وقال الضحاك وغيره : يعني وما يطعن علينا . قال عطاء : ما لنا عندك من ذنب وما ارتكبنا منك مكروهاً تعذّبنا عليه { إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } ثمّ [ فزعوا ] إلى الله عز وجل فقالوا { رَبَّنَآ أَفْرِغْ } اصبب { عَلَيْنَا صَبْراً } أُصبب علينا الصبر عند القطع والصلب حتّى لا نرجع كفاراً { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } واقبضنا إليك على دين موسى ، فكانوا أول النهار كفاراً سحرة وآخره شهداء بررة . { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ } أتدع { مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ } كي يفسدوا عليك ملكك عبيدك { فِي ٱلأَرْضِ } في أرض مصر { وَيَذَرَكَ } يعني وليذرك . وروى سليمان التيمي عن أنس بن مالك أنّه قرأ ويذرك بالرفع والنون ، [ أخبروا ] عن أنفسهم أنهم يتركون عبادته إن ترك موسى حياً فيصرفهم عنّا . وقرأ الحسن ( ويذرك ) بالرفع على تقدير المبتدأ ، أي وهو يذرك ، { آلِهَتَكَ } فلا نعبدك ولا نعبدها . قال ابن عباس : كان لفرعون بقرة يعبدها وكانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها ، ولذلك أخرج السامري لهم عجلاً . وروى عمرو عن الحسين قال : كان لفرعون حنانة معلقة في نحره يعبدها ويسجد عليها كأنّه صنم كان عابده يحن إليه . وروي عن ابن عباس أيضاً أنه قال : كان فرعون يصنع لقومه أصناماً صغاراً ويأمرهم بعبادتها ويقول لهم : أنا رب هذه الأصنام ، وذلك قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] . قال أبو عبيد : وبلغني عن الحسن أنه قيل له : هل كان فرعون يعبد شيئاً ؟ قال : نعم كان يعبد تيساً . وقرأ ابن مسعود وابن عباس وبكر بن عبد الله [ الشعبي ] والضحاك وابن أبي إسحاق : إلهتك بكسر الألف أي [ إلهك ] فلا يعبدك كما تعبد . قالوا : لأن فرعون كان يُعبد ولا يَعبد . وقيل أراد بالآلهة الشمس وكانوا يعبدونها . قال [ عيينة ] بن [ شهاب ] : @ تروحنا من الأعيان عصراً فأمحلنا الآلهة أن تؤوبا @@ بمعنى الشمس { قَالَ } يعني فرعون سنقتل أبنائهم بالتشديد على التكثير . وقرأ أهل الحجاز بالتخفيف { وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } غالبون . قال ابن عباس : كان فرعون يقتل بني إسرائيل في العام الذي قيل له إنّه يولد مولود يذهب بملكك فلم يزل يقتلهم حتّى أتاهم موسى ( عليه السلام ) بالرسالة فلما كان من أمر موسى ما كان أمر بإعادة عليهم القتل فشكت بنو إسرائيل إلى موسى ( عليه السلام ) فعند ذلك { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱلأَرْضَ للَّهِ } يعني أرض مصر { يُورِثُهَا } يُعطيها { مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } وقرأ الحسن يورثها بالتشديد والاختيار والتخفيف لقوله تعالى وأورثنا الأرض { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } يعني النصر والظفر ، وقيل : السعادة والشهادة ، وقيل : الجنّة . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : لما آمنت السحرة اتّبع موسى ست مائة ألف من بني إسرائيل { قَالُوۤاْ } يعني قوم موسى { أُوذِينَا } بقتل الأبناء واستخدام النساء والتسخير . { مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا } بالرسالة { وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } بالرسالة وإعادة القتل والتعذيب وأخذ الأموال والأتعاب في العمل . قال وهب : كانوا أصنافاً في أعمال فرعون فأما ذوو القوة منهم فيسلخون السوابي من الجبال وقد [ … ] أعناقهم وعواتقهم وأيديهم ودبرت ظهورهم من قطع ذلك وقتله . وطائفة أُخرى قد [ قرحوا ] من ثقل الحجارة وسير [ الليل ] له ، وطائفة يلبنون اللبن ويطنبون الأجر ، وطائفة نجارون وحدادون ، والضعفاء بينهم عليهم الخراج ضريبة يودون كانت ضربت عليه الشمس ، قيل : وإن يردى ضريبته غلت يده إلى عنقه شهراً ، وأما النساء فيقرن اختان وينسجنه فقال موسى ( عليه السلام ) لهم { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ } فرعون { وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } ويسكنكم مصر من بعدهم بالتسخير والاستعباد وهم بنو إسرائيل { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } يعني مصر والشام { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } بالماء والأشجار والثمار وإنما ذكر بلفظ [ … ] .