Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-30)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ } أي خلقنا لكم ، وقيل : نزّلنا أسبابه وآلاته لأنه [ المثبّت ] بما يقول . وقيل : [ على الحكم ] كبقيّة صنعته وذلك أن قريشاً كانوا يطوفون بالبيت عراة وقوله { لِبَاساً } وهو ما يُلبس من الثياب { يُوَارِي } يستر { سَوْءَاتِكُمْ } عوراتكم واحدها سوءة ، وهي فعلة من السوء سمّيت سوأة لأنّه يسوء صاحبها إنكشافها من جسده { وَرِيشاً } يعني مالاً في قول ابن عباس والضحاك والسدي ، فقال : الريش : الرجل إذا [ تموك ] وقال ابن زيد : الريش الجمال . وقيل : هو اللباس . وحكي أبو عمرو أنّ العرب تقول : أعطاني فلان ريشة أي كسوة وجهازة . وقرأ عثمان بن عفان والحسن وأبو عبد الرحمن وأبو رجاء وقتادة : ورياشاً بالألف وهو جمع ريش مثل ذئب وذياب وبير وبيار وقَدِحَ وقداح . قال قطرب : الريش والرياش واحد ، كقولك دبغ ودباغ ولبس ولباس وحل وحلال وحرم وحرام ، ويجوز أن يكون مصدراً من قول القائل : راشه إليه بريشه رياشاً . والرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من المتاع والثياب و الفراش وغيرها . وقال ابن عباس : الرياش اللباس والعيش والنعيم . وقال الأخفش : الرياش الخصبة والمعايش . { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } قرأ أهل المدينة والشام . والكسائي ولباس التقوى بالنصب عطفاً على الريش . وقرأ الباقون بالرفع على الابتداء وخبره ( خير ) . وجعلوا ذلك صلة في الكلام ، وكذلك قرأ ابن مسعود وأُبي بن كعب : ولباس التقوى خير . واختلفوا في لباس التقوى ماهو [ هل ] يدلّ على لباس التقوى [ الدرع ] والساعدان . والساقان . والآلات التي يتّقى بها في الحرب مع العدو . وقال قتادة والسدي وابن جريج : لباس التقوى هو الإيمان . وقال معبد الجهني : هو الحياة . وأنشدني أبو القاسم [ السدوسي ] قال : أنشدني أبو عرابة الدوسي في معناه @ إني كأني أرى من لا حيالة ولا أمانة وسط الناس عُرياناً . @@ عطيّة عن ابن عباس : هو العمل الصالح وروى الذبال بن عمرو عن ابن عباس قال : هو السمت الحسن في الوجه . وقال الحسن : رأيت عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر وسمعته يأمر بقتل الكلاب وينهى عن اللعب بالحمام ، ثمّ قال : أيها الناس اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والذي نفس محمد بيده ماعمل أحدٌ قط سراً إلاّ ألبسه الله رداءه علانية إن خيراً فخير وإن شراً فشر " ثمّ تلا هذه الآية { وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } قال : السمت الحسن . وقال عروة بن الزبير : لباس التقوى خشية الله ، ابن زيد : ستر للعورة يتقي الله فيواري عورته { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } قال وهب بن منبه : الإيمان عريان لباسه التقوى وزينته الحياء وفاله [ الفقه ] وجماله العفّة ، وثمره العمل الصالح . { يَابَنِيۤ ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } لا يعلّمنّكم ولا يستزلّنكم فتبدي برأيكم للناس في الطواف بطاعتكم . { كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ } { إِنَّهُ } يعني الشيطان { يَرَاكُمْ } يابني آدم { هُوَ وَقَبِيلُهُ } خيله وجنوده وهم الجن والشياطين . قال ابن زيد : نسله { مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } قال مجاهد : قال إبليس : جعل لنا أربعاً : نرى ولا يُرى ونخرج من تحت الثرى . ويعود شيخنا فتى . قال مالك بن دينار : إن عدواً [ يراك ] ولا تراه لشديد [ المؤنة ] إلاّ مَنْ عصم الله . وسمعت أبا القاسم [ الحبيبي ] قال : سمعت أبي قال : سمعت عليّ بن محمد الورّاق يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : الشيطان قديم وأنت حديث والشيطان ليّن وأنت ناعم الناحية والشيطان يراك وأنت لا تراه والشيطان لا ينساك وأنت لا تزال تنساه ومن نفسك له عون وليس لك منه عون . وقيل : صدر ابن آدم مسكن له ويجري من ابن آدم مجرى الدم ، وأنه لا يقاومه إلاّ بعون الله . ومنه يقول : ولا أراه من حيث يراني . وعندما أنساه لا ينساني فسيدي إن لم [ تغث ] يسبيني كما سبا آدم من جنانك . قال ذو النون المصري : إن كان هو يراك من حيث لا تراه فإنّ الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله عليه فإنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً . { إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ } أعواناً وقرناء { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } وفاحشتهم أنّهم كانوا يطوفون بالبيت عُراة الرجال [ بالنهار والنساء بالليل ] . ويقولون : نطوف كما ولدتنا أُمهاتنا ولا نطوف في الثياب التي اقترفنا فيها الذنوب . وكانت المرأة تضع على قُبُلها النسعة أو الشيء وتقول : @ اليوم يبدو بعضه أو كلّه وما بدى منه فلا أُحلّه @@ وفي الآية إضمار ومعناه { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } ونُهوا عنها { قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا } قيل : من أين أخذوا آباؤكم قالوا : { وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } قال ابن عباس : بلا إله إلاّ الله ، وقال الضحاك : التوحيد ، وقال مجاهد والسدي : بالعدل { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } قال مجاهد والسدي وابن زيد : يعني وجهوا وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة . وقال الضحاك : إذا حضرت الصلاة وأنتم عند المسجد فصلّوا فيه ولا تقولن : أحب أن أُصلي في مسجدي ، وإذا لم يكن عند مسجد [ فليأت ] أيّ مسجد فليصلِّ فيه . وقال الربيع : معناه واجعلوا سجودكم لله سبحانه وتعالى خالصاً دون ما سواه من الآلهة والأنداد { وَٱدْعُوهُ } واعبدوه { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } الطاعة والعبادة { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " تبعث كل نفس على ما كانت عليه " . قال ابن عباس : إن الله سبحانه بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً كما قال { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } [ التغابن : 2 ] ثمّ يعيده يوم القيامة كما بدأ خلقهم كافراً ومؤمناً ، فيبعث المؤمن مؤمناً والكافر كافراً . وقال جابر : يبعثون على ما ماتوا عليه المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه . وقال أبو العالية : عادوا إلى علمه فيهم . قال محمد بن كعب : من ابتدأ خلقه على الشقوة صار إلى ما ابتدأ عليه خلقه وإن عمل بإعمال أهل السعادة ، كما أنّ إبليس عمل أعمال أهل السعادة صار إلى ما ابتدأ عليه خلقه ، ومن ابتدأ خلقه على السعادة صار إلى ما ابتدأ عليه خلقه وإن عمل أهل الشقاوة ، كما أنّ السحرة عملت أعمال أهل الشقاء ثم صاروا إلى ما ابتدأ عليه خلقهم . وقال سعيد بن جبير : معناه كما كتب عليكم يكونون نضير قوله { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ ألأنبياء : 104 ] . قال قتادة : خلقكم من التراب وإلى التراب تعودون نضير قوله { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ } [ طه : 55 ] . وقال الربيع ابن أنس : كما بدأكم عرياناً تعودون لهم عرياناً . نضيره قوله : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 94 ] . وقال السدي : كما خلقكم فريق مهتدون وفريق ضلال ، كذلك تعودون تخرجون من بطون أُمهاتكم ، قال الحسن ومجاهد : كما بدأكم فخلقكم فريق مهتدون وفريق ضلال . كذلك تعودون يوم القيامة ، نضيره قوله { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ ألأنبياء : 104 ] . روي سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " يُحشر الناس حُفاة عُراة وأوّل من يُكسى إبراهيم عليه السلام " ثمّ قرأ { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ ألأنبياء : 104 ] . { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } .