Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 31-36)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } قال المفسّرون : كانت بنو عامر في الجاهلية يطوفون في البيت عُراة الرجال بالنهار والنساء بالليل ، وكانوا إذا قدموا مسجد منى طرح أحدهم ثيابه في رحله وإن طاف وهي عليه ضُرب [ وانبزعت ] منه فأنزل الله تعالى : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } يعني الثياب . وقال مجاهد : ما تواري به عورتك [ للصلاة والطواف ] وقال عطيّة وأبو روق وأبو رزين : المشط . وسمعت أبو القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا الهيثم [ الجهني ] يحكي عن السنوخي القاضي : { خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } يعني : رفع الأيدي في مواقيت الصلاة . وروى علي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الخبر ، قول جبرائيل ( عليه السلام ) للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء زينة وإن زينة الصلاة برفع الأيدي فيها في ثلاث مواضع إذا تحرمت ( للصلاة ) : إذا كبرت ، وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع " . { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } قال الكلبي : كانت بنو عامر لا يأكلون من الطعام إلاّ قوتاً ولا يأكلون دسماً في أيام حجّهم يعظّمون بذلك حجّهم فقال المسلمون : يا رسول الله نحن أحق أن نفعل ذلك ، فأنزل الله تعالى { وكُلُواْ } يعني اللحم والدسم { وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } يعني الحرام . قال ابن عباس : كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك سرف ومخيلة ، وقال مجاهد : الإسراف ما قصرت به عن حق الله . وقال : لو أنفقت مثل أُحُد في طاعة الله لم يكن سرفاً ولو أنفقت درهماً أو مداً في معصية الله كان إسرافاً . وقال الكلبي : ولا تُسرفوا يعني لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } المتجاوزين من فعل الحرام في الطعام والشراب ، وبلغني أنّ الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق ، فقال لعليّ بن الحسين بن واقد : ليس في كتابكم من علم الطب شيء ، والعلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان ، قال عليّ : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابنا قال : وما هي ؟ قال : قوله تعالى { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } فقال النصراني : ولا يؤثر [ عن رسولكم ] شيء في الطب ؟ فقال عليّ : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطب فيّ [ ألفاظ يسيرة ] قال : وما هي ؟ قال : قوله : " المعدة بيت الداء والحمية رأس كلّ دواء وأعطِ كل بدن ما عودته " . فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيّكم لجالينوس طبّاً . { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } يعني الثياب { وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ } قال ابن زيد : كان قوم إذا حجّوا أو اعتمروا حرموا الشاة عليهم وما يخرج منها لبنها وسمنها ولحمها وشحمها ، فأنزل الله تعالى : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } الآية . قال ابن عباس وقتادة : يعني بالطيبات من الرزق ما حرم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب والوصايا والحوامي . { قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } قال ابن عباس : إنّ المؤمنين يشاركون المشركين في الطيّبات من الدنيا فأكلوا من طيّبات طعامهم وأُلبسوا من جياد ثيابهم وانكحن الزوج الخ … كما هم ، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا وليس للمشركين فيها شيء ومجاز الآية : قل هي للذين آمنوا مشتركة في الحياة الدنيا وخاصة في يوم القيامة . وقراءة ابن عباس وقتادة ونافع : خالصة بالرفع يعنون قل هي خالصة . وقرأ الباقون : بالنصب على القطع لأن الكلام قد تمّ دونه { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ } يعني الطواف عُراة { مَا ظَهَرَ مِنْهَا } طواف الرجال بالنهار { وَمَا بَطَنَ } طواف النساء بالليل . وقيل : هي الزنا و [ المخالة ] . وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ليس أحد أحب إليه من المدح من الله سبحانه من أجل ذلك مدح نفسه ، وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، وليس أحد أحب إليه العذر من الله عزّ وجلّ من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل " . { وَٱلإِثْمَ } يعني الذنب والمعصية . وقال الحسن : الإثم الخمر . وقال الشاعر : @ شربت الإثم ظل عقلي كذلك الأثمّ يذهب بالعقول @@ وقال الآخر : @ نشرب الإثم بالصواع جهاراً ونرى السكر بيننا مستعارا @@ { وَٱلْبَغْيَ } وهو الظلم { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } حجة وبرهاناً { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } تحريم الملابس والمأكل { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } مدّة وأجل ، وقيل : وقت حلول العقاب وأوّل العذاب . { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } وإذا أنقطع أجلهم ، وقرأ ابن سيرين آجالهم { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً } لا يتأخّرون { وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } لا يتقدّمون { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } شرط معناه : إن أتاكم [ عجزاً به ] فمن بقى ، وقيل فأطيعوه وقال : مقاتل : أراد بقوله يابني آدم لا تشركوا بالرب ، وبالرسل محمد صلى الله عليه وسلم وحده . { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ } عمله { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ } عن الإيمان بمحمد والقرآن { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .