Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 37-43)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ } حظّهم بما كتبوا لهم في اللوح المحفوظ . وقال الحسن والسدي وأبو صلاح : ما كسب لهم من العذاب . وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطيّة : ما سبق لهم من الشقاوة والسعادة . وروى بكر الطويل عن مجاهد في هذه الآية قال : قوم يعملون أعمالا لابد من أن يعملوها ولم يعملوها بعد . قال ابن عباس وقتادة والضحاك : يعني أعمالهم وما كتب عليهم من خير أو شر ، فمن عمل خيراً أُجزي به ومن عمل شراً أُجزي به . مجاهد عن ابن عباس قال : هو ما وعدو من خير وشر . عطيّة عن ابن عباس أنّه قال : ينالهم ماكتب لهم وقد كتب لمن يفتري على الله أن وجهه مسود ، يدل عليه [ قوله تعالى ] ، { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [ الزمر : 60 ] . قال الربيع والقرظي وابن زيد : يعني ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال والأعمار فإذا فنيت و [ تم خرابها ] { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } يقبضون أرواحهم يعني ملك الموت وأعوانه { قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ } تعبدون من دون الله { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } أنشغلوا بأنفسهم { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } أقروا { أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } قالوا : [ شهدنا ] على أنفسنا [ بتبليغ الرسل ] وغرّتهم الحياة الدنيا وشهدوا وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين { قَالَ ٱدْخُلُواْ } يقول الله عزّ وجلّ لهم يوم القيامة ادخلوا { فِيۤ أُمَمٍ } يعني مع جماعات { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ } يعني كفار الأُمم الماضية { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } في الدين والملة ولم يقل أخاها لأنّه عنى بها الأُمّة فيلعن المشركون المشركين واليهود اليهود ، وكذلك النصارى النصارى والمجوس المجوس ويلعن الأتباع القادة يقولون : لعنكم الله أنتم غررتمونا يقول الله عزّ وجلّ { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا } أي تلاحقوا { جَمِيعاً } قرأ الأعمش : حتّى إذا تداركوا ، على الأصل ، وقرأ النخعي : حتّى إذا أدركوا ، مثقلة الدال من غير ألف أراد فنقلوا من الدرك . { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } قال مقاتل : يعني أُخراهم دخولاً للنار وهم الأتباع ، { لأُولاَهُمْ } دخولاً وهم القادة . قال ابن عباس : ( أُخراهم ) يعني آخر الأُمم ، ( لأولاهم ) يعني أوّل الأُمم ، وقال السدي : أُخراهم يعني الذين كانوا في آخر الزمان . ( لأولاهم ) يعني الذين شرعوا لهم ذلك الدين { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا } عن الهدى . يعني الفساد { فَآتِهِمْ } أي فأعطاهم { عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ } أي مضعفاً من النار { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ } من العذاب { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } حتّى يحل بكم { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } لأنّكم كفرتم كما كفر به ونحن وأنتم في الكفر شرع سواء وفي العذاب أيضاً { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ } قرئ بالياء والياء والتشديد والتخفيف جميعاً { لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ } يعني لأرواحهم وأعمالهم لأنّها خبيثة فلا يصعد بل تهوى بها إلى [ سجن ] تحت الصخرة التي تحت الأرضين . روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت ليحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا : اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة ، وأبشري بروح من الله وريحان ورب غير غضبان فيقولون ذلك حتّى تخرج ثمّ تعرج بها إلى السماء فينفتح لها فيقال : من هذا [ فيقال : فلان ] فيقولون : مرحباً بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ، فيقال : ذلك لها حتّى يعرج بها إلى السماء السابعة . وإذ كان الرجل السوء قالوا : اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج ، فيقولون ذلك حتّى يخرج ، ثمّ يعرج بها إلى السماء فتفتح لها فيقال : من هذا فيقولون فلان ، فيقولون : لا مرحباً بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث أرجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء فيُرسل من السماء والأرض فيصير إلى القبر " . { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } يعني يدخل البعير في ثقب الإبرة [ وهذا مثل والسمّ ] وهو الإبرة . وقرأ عكرمة و سعيد بن جبير : الجمل بضم الجيم وبتشديد الميم . وهو حبل السفينة ويقال لها الفلس قال عكرمة : هو الحبل الذي يصعد به إلى النخل { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } فراش من نار { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } وهي جمع غاشية وذلك ما غشاهم وغطاهم وقال القرظي ومجاهد : هي اللحف { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } قال البراء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكسي الكافر لوحين من نار في قبره " ، فذلك قوله { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } أي طاقتها ومايسعها ويحلّ لها فلا تخرج منه ولا تضيق عليه { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا } وأخرجنا وأذهبنا { مَا فِي صُدُورِهِم } قلوبهم { مِّنْ غِلٍّ } وحقد وعداوة كان من بعضهم على بعض في الدنيا فجعلناهم إخواناً على سرر متقابلين لا [ يحسد ] بعضهم بعض على شيء خص الله به بعضهم وفضلهم به ، روى الحسن بن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : فينا والله أهل البيت نزلت { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [ الحجر : 47 ] . وقال عليّ كرّم الله وجهه أيضاً : " إنّي لارجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم } الآية . وقال السدي : في هذه الآية : إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنّة وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان فشربوا من إحداهما ، فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور واغتسلوا من الأُخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلم يشعثوا ولم يتسخوا بعدها أبداً . وروى الجزائري عن أبي نضرة قال : تحتبس أهل الجنّة حتّى تقتص بعضهم من بعض حتى يدخلوا الجنّة حين يدخلونها ، ولا يطلب أحد منهم أحداً علاقة ظفر ظلمها إياه وتحبس أهل النار دون النار حتّى تقتص لبعضهم من بعض يدخلون النار حين يدخلونها ، ولا يطلب أحد منهم أحداً بعلاقة ظفر ظلمها أياه { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } وفقنا وأرشدنا إلى هذا يعني طريق الجنّة وقال سفيان الثوري : معناه الحمد لله الذي هدانا لعمل هذا ثوابه { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أهل النار يرى منزلة مَنْ بالجنّة فيقولون : لو هدانا الله نكون [ من المؤمنين ] وكل أهل الجنّة ترى منزلة من بالنار ويقولون : لولا أنّه هدانا الله فهذا شكرهم قال : وليس [ هناك ] من كافر ولا مؤمن إلاّ وله في الجنّة أو النار منزل [ فإذا ] دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار فدخلوا منازلهم رفعت الجنّة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله ، ثمّ يقال : يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون فيقسم بين أهل الجنّة منازلهم ، ونودوا أن صحوا ولا تسقموا وأخلدوا فلا تموتوا وأنعموا ولا تيأسوا وشبّوا فلا تهرموا .