Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 36-44)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ } فما بالهم كقوله سبحانه : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } [ النساء : 88 ] وقوله سبحانه : { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } [ المدثر : 49 ] . { قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } مقبلين مسرعين عليك مادّي أعناقهم مديمي النظر إليك متطلّعين نحوك . وقد مرّ تفسير الإهطاع وهو نصب على الحال { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ } حلقاً وفرقاً عصبة عصبة وجماعة جماعة متفرقين ، والعزين : جماعات في تفرقة ، واحدتها عزة ونظيرها في الكلام ثبته وثبتين وكره وكرين وقله وقلين ، قال عنترة : @ وقرن قد تركت لذي ولي عليه الطير كالعضب العزين @@ وقال الراعي : @ أخليفة الرحمن إنّ عشيرتي أمسى سوائمهم عزين فلولا @@ وقال آخر : @ كأن الجماجم من وقعها خناطيل يهون شتى عزينا @@ وأخبرني عقيل أن المعافى أخبرهم عن ابن جرير ، قال : حدّثنا بكار قال : حدّثنا مؤمل قال : حدّثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة : " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم حلق حلق فقال : " ما لي أراكم عزين " . قال المفسّرون : كان المشركون يجتمعون حول النبيّ صلى الله عليه وسلم ويتسمعون كلامه ولا ينتفعون به ، بل يكذبونه ويكذبون عليه ويستهزؤون به وبأصحابه ، ويقولون : دخل هؤلاء الجنّة كما يقول محمد ، فلندخلها قبلهم وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم فأنزل الله سبحانه : { أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } قرأ الحسن وطلحة بفتح الياء وضم الخاء ، ومثله روى المفضل عن عاصم ، الباقون ضده { كَلاَّ } لايدخلونها ثمّ ابتدأ فقال : { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } أي من نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة فلا يستوجب الجنّة أحد منهم بكونه شريفاً ؛ لأنّ مادة الخلق واحدة بل يستوجبونها بالطاعة ، قال قتادة في هذه : إنّما خلقت يابن آدم من قذر فاتق إلى الله . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن برزة قال : حدّثنا محمد بن سليمان ابن الحرث الباغندي قال : حدّثنا عارم أبو النعمين السدوسي ، قال : حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك ، قال : كان أبو بكر الصديق إذا خطبنا ذكر مناتن ابن آدم فذكر بدء خلقه أنّه يخرج من مخرج البول مرتين ، ثمّ يقع في الرحم نطفة ، ثمّ علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ يخرج من بطن أمه فيتلوث في بوله وخراه حتّى يقذر أحدنا نفسه . وأخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا موسى بن محمد بن عليّ ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : حدّثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بسر بن جحاش قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبصق يوماً في كفه ووضع عليها أصبعه فقال : " يقول عزّوجلّ بني آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه ، حتّى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت حتّى إذا بلغت التراقي قلت : أتصدّق وأنى أوان الصدقة " . وقيل : إنّا خلقناهم من أجل ما يعلمون وهو الأمر والنهي والثواب والعقاب فحذف أجل ، كقول الشاعر : @ أأزمعت من آل ليلى احتكاراً وشطّت على ذي هوى أن تزارا @@ أي من أجل آل ليلى . وقيل : { مَآ } بمعنى من ، مجازه : إنا خلقناهم ممن يعلمون ويعقلون لا كلبهائم . { فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَارِقِ وَٱلْمَغَارِبِ } قرأ أبو حيوة برب المشرق والمغرب { إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } نظيره في سورة الواقعة . { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ } في باطلهم { وَيَلْعَبُواْ } ويلهوا في دنياهم { حَتَّىٰ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } نسختها آية القتال { يَوْمَ يَخْرُجُونَ } قراءة العامّة بفتح الياء وضم الراء ، وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم بضم الياء وفتح الراء { مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } القبور { سِرَاعاً } إلى إجابة الداعي { كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ } قراءة العامّة بفتح النون وجزم الصاد يعنون إلى شيء منصوب ، يقال : فلان نصب عيني . قال ابن عباس : يعني إلى غاية وذلك حين سمعوا الصيحة الأخيرة . الكلبي : إلى علم وزواية ، وقال أبو العلاء : سمعت بعض العرب يقول : النصب الشبكة التي يقع فيها الصيد فيتسارع إليها صاحبها مخافة أن يفلت الصيد منها ، وقرأ زيد بن ثابت وأبو رجاء وأبو العالية ومسلم البطين والحسن وأشهب العقيلي وابن عامر { إِلَىٰ نُصُبٍ } بضم النون والصاد ، وهي رواية حفص عن عاصم واختيار أبي حاتم . قال مقاتل والكسائي : يعني إلى أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله . وقال الفراء والأخفش : النُصُب جمع النُصْب مثل رُهُن ، والأنصاب جمع النُصُب فهي جمع الجمع . وقيل : النُصُب والأنصاب واحد . { يُوفِضُونَ } يسرعون . قال الشاعر : @ فوارس ذبيان تحت الحديد كالجن يوفضن من عبقر @@ وقال ابن عباس وقتادة : يسعون ، وقال أبو العالية ومجاهد : يستبقون ، ضحاك : يطلعون . الحسن يبتدرون . القرظي يشتدون { خَاشِعَةً } ذليلة خاضعة { أَبْصَارُهُمْ } بالعذاب ، قال قتادة : سواد الوجوه { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } يغشاهم هوان ، ومنه غلام مراهق إذا غشى الإحتلام { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } وهو يوم القيامة .