Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 11-35)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يُبَصَّرُونَهُمْ } يرونهم وليس في القيامة مخلوق إلاّ وهو نصب عن صاحبه من الجن والإنس فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته ولا يسأله ، ويبصر الرجل حميمه فلا يكلمه لاشتغالهم بأنفسهم . قال ابن عباس : يتعارفون مدة ساعة من النهار ثمّ لا يتعارفون بعد ذلك ، وقال السدي : يبصرونهم يعرفونهم ، أمّا المؤمن فلبياض وجهه ، وأما الكافر فلسواد وجهه . { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ } يتمنّى المشرك { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ } زوجته { وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ } عشيرته التي فصل منهم ، أبو عبيدة : فخذه ، ثعلب : آبائه الأدنين . غيره : أقربائه الأقربين { ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } مجاهد قبيلته { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } ذلك الفداء من عذاب الله سبحانه { كَلاَّ } ليس كذلك لا يُنجيه من عذاب الله شيء . ثمّ ابتدأ فقال : { إِنَّهَا لَظَىٰ } وقيل : معناه حقّا إنّها لظى ، فيكون متّصلا ولظى اسم من أسماء جهنّم ، ولذلك لم يجر ، وقيل : هي الدركة الثانية سمّيت بذلك لأنّها تتلظى ، قال الله تعالى : { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [ الليل : 14 ] . { نَزَّاعَةً } قراءة العامة بالرفع على نعت اللظى ، وروى حفص عن عاصم بالنصب على الحال والقطع { لِّلشَّوَىٰ } قال الكلبي : لأمر الرأس بأكل الدماغ ، ثمّ يعود الدماغ كما كان ، ثمّ يعود لأكله فذلك دائها ، وهي رواية أبي ظبيان عن ابن عباس ، عطيّة عنه : يعني الجلود والهام ، سعيد بن جبير عنه : للعصب والعقب ، مجاهد : لجلود الرأس ، ودليل هذا التأويل قول كثير عزّة : @ لأصبحت هدتك الحوادث هذه لها فشواة الرأس باد قتيرها @@ إبراهيم بن مهاجر : اللحم دون العظم ، الهام يحرق كل شيء منه ويبقى فؤاده نصيحاً ، أبو صالح : للحم الساق ، ثابت البناني : لمكارم وجهه ، قتادة : لمكارم خلقه وأطرافه ، أبو العالية : لمحاسن وجهه ، يمان : خلاّعة للأطراف ، مرة : للأعضاء ، ابن زيد : لأذاب العظام ، الضحّاك : تبري اللحم والجلد عن العظم حتّى لا تترك منه شيئاً ، الكسائي : للمفاصل ، ابن جرير : الشوى جمع شواة وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا يقال : رمى فاشوى إذا لم يصب مقتلا ، وقال بعض الأئمة : هي القوائم والجلود ، قال امرؤ القيس : @ سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا @@ وقال الأعشى : @ قالت قتيلة ماله قد جلّلت شيباً شواته @@ { تَدْعُواْ } إلى نفسها { مَنْ أَدْبَرَ } عن الإيمان { وَتَوَلَّىٰ } عن الحق فتقول إليّ إليّ . قال ابن عباس : تدعوا الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح ، ثمّ تلتقطهم كما تلتقط الطير الحب ، وقال تغلب : تدعوا أي تهلك يقول العرف : دعاك الله أي أهلكك الله ، وقال الخليل : إنه ليس كالدعاء تعالوا ولكن دعوتها إياهم تمكّنها من تعذيبهم وفعلها بهم ما تفعل . { وَجَمَعَ } المال { فَأَوْعَىٰ } أمسك ولم يود حقّ الله منه . أخبرني وقيل : إنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثنا محمد بن منصور قال : حدّثنا أبو فطن قال : حدّثنا المسعودي عن الحكم قال : كان عبد الله بن حكيم لا يربط كيسه ويقول : سمعت الله سبحانه وتعالى يقول : { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } . { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } . أخبرنا عبد الخالق قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يزداد الرازي ، قال : حدّثنا أبو الحسن طاهر الخثعمي ، قال : حدّثنا إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : { هَلُوعاً } قال : الحريص على ما لا يحلّ له . وروى عطية عنه قال : هو الذي قال الله سبحانه وتعالى : { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } وقال سعيد بن جبير : شحيحاً ، عكرمة : ضجوراً ، الضحاك والحسن : بخيلا ، حصين : حريصاً ، قتادة وابن زيد : حزوناً ، مجاهد : شرهاً ، وعن الضحاك أيضاً : الهلوع الذي لا يشبع ، مقاتل : ضيق القلب ، ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يُسره ويرضيه ويهرب مما يكرهه ويسخطه ثمّ تعبّده بإنفاق ما يحب ويلذ والصبر على ما يكره ، عطا : عجولا وقيل : جهولا ، سهل : متقلّباً في شهواته وهواه ، وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القيّم البزاز يقول : قال ابن عطاء : الهلوع : الذي يرضى عند الموجود ويسخط عند المفقود ، أبو الحسن الوراق : نسّاء عند النعمة دعّاء عند المحنة ، وعن سهل أيضاً : إذا افتقر جزع وإذا أيسر منع ، أبو عبيدة وثعلب : هو الذي إذا مسّه الخير لم يشكر وإذا مسّه الشرّ لم يصبر ، وقيل : طموعاً يرضيه القليل من الدنيا ويسخطه مثلها ، والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع . قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " شرّ ما أعطى العبد شح هالع وجبن خالع " . وتقول العرب : ناقة هلواع إذا كانت سريعة السير خفيفة . قال الشاعر : @ صكاء علبة إذا استديرتها حرج إذا استقبلتها هلواع @@ ثمّ استثنى سبحانه وتعالى { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } قيل : هم الصحابة خاصّة وهم المؤمنون عامّة فإنّهم يغلبون فرط الهلع بحكم الشرع لثقتهم بربّهم ويقينهم بقدرته ، واستثنى الجمع من الواحد . لأنّ الإنسان اسم الجنس فهو في معنى الجمع . { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } . أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا القطيعي قال : حدّثنا بشر بن موسى قال : حدّثنا أبو عبد الرحمن المقري عن حيوة قال : حدثني يزيد بن أبي حسب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني : أن عقبة بن عامر قال لهم : الذين هم على صلواتهم دائمون . قال : قلنا : الذين لا يزالون يصلون ؟ فقال : لا ولكن الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالا { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ * وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } يعني يقيمونها ولا يكتمونها ولا يغيرونها . وقال سهل : قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة لا إله إلاّ الله ، فلا يشركون به في شيء من الأفعال والأقوال والأحوال . وقرأ ابن عامر ويعقوب وحفص بشهاداتهم بالألف على الجمع ، الباقون بشهادتهم . { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } .