Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } قراءة العامة مقطوعة الألف مهموزة . { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } مثلها ، وقرأ الحسن وعبد الرحمن الأعرج لاقسم بغير ألف موصله . { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ } بالألف مقطوعة على معنى أنه أقسم باليوم ولم يقسم بالنفس ، ومثله روى القواس عن شبل عن ابن بكير ، والصحيح أنه قسم بهما جميعاً ومعنى قوله لا أقسم بيوم القيامة اختلفوا فيه فقال : بعضهم { لاَ } صلة أي أقسم بيوم القيامة وإليه ذهب سعيد بن جبير وقال أبو بكر بن عباس : هو تأكيد للقسم كقولك لا والله ، وقال الفراء في قوله { لاَ } : رد لكلام المشركين ثم ابتدأ القسم فقال أقسم بيوم القيامة ، وقال : وكل يمين قبلها رد فلابد من تقديم { لاَ } قبلها ليفرّق بين اليمين التي تكون جحداً واليمين التي تستأنف ، ألا ترى أنك تقول مبتدئاً : والله إن الرسول لحق ، فإذا قلت : لا والله إن الرسول لحق ، فكأنك أكّدت قوماً أنكروه . أخبرنا عقيل أن المعافى أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثنا أبو كريب قال : حدّثنا وكيع عن سفيان ومسعر عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال : لا يقولون القيامة القيامة وإنما قيامة أحدهم موته ، وبه عن سفيان ومسعر عن أبي قيس قال : شهدت جنازة فيها علقمة فلما دفن قال : أما هذا فقد قامت قيامته . { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } قال : سعيد بن جبير وعكرمة : تلوم على الخير والشر ولا تصبر على السراء والضراء . مجاهد : تندم على ما فات وتلوم عليه وتقول لو فعلت ولو لم أفعل . قتادة : اللوامة : الفاجرة . ابن عباس : هي المذمومة ، وقال الفراء : ليس من نفس برَّة ولا فاجرة إلاّ وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيراً قالت : هلاّ زدت ، وإن كانت عملت سوءاً قالت : يا ليتني لم أفعل . الحسن : هي نفس المؤمن ، قال : إنّ المؤمن والله ما تراه إلاّ يلوم نفسه ما أردت بكلامي ما أردت بأكلتي ما أردت بحديث نفسي وإنّ الفاجر يمضي قُدماً لا يحاسب نفسه ولا [ يعاتبها ] . مقاتل : هي نفس الكافر تلوم نفسها في الآخرة على ما فرطت في أمر الله في الدنيا ، وقيل : لومها قوله سبحانه : { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ الفجر : 24 ] و { يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ } [ الزمر : 56 ] أي في أمر الله . سهل : هي الإمارة بالسوء وهي قرينة الحرص والأمل . أبو بكر الورّاق : النفس كافرة في وقت منافقه في وقت مرائية على الأحوال كلّها هي كافرة ؛ لأنها لا تألف الحق ، وهي منافقة لأنها لا تفي بالعهد ، وهي مرائية لأنها لا تحبّ أن تعمل عملاً ولا تخطو خطوة إلاّ لرؤية الخلق ، فمن كانت هذه صفاته فهي حقيقة بدوام الملامة لها . { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ } نزلت في عدي بن ربيعة بن أبي سلمة حليف بني زهرة ختن الأخنس ابن شريف حليف بني زهرة وكان النبي ( عليه السلام ) يقول : " اللهم اكفني جارَيّ السوء " يعني عدياً والأخنس وذلك أن عدي بن ربيعة أتى النبي ( عليه السلام ) فقال : يا محمد حدّثني عن يوم القيامة متى يكون ، وكيف يكون أمرها وحالها فأخبره النبي ( عليه السلام ) بذلك ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدّقك ولم أؤمن به ، أو يجمع الله العظام ؟ فأنزل الله سبحانه { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ } يعني الكافر . { أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } بعد تفريقها وبلائها فنجيبه ونبعثه بعد الموت ، يقال : إنّه ذكر العظام ، والمراد بها نفسه كلّها لأن العظام قالب الخلق ولن يستوي الخلق إلاّ باستوائها ، وقيل : هو خارج على قول المنكر أو يجمع الله العظام كقول الآخر : { قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [ يس : 78 ] . ثم قال سبحانه : { بَلَىٰ قَادِرِينَ } أي نقدر استقبال صرف إلى الحال ، قال الفراء : { قَادِرِينَ } نصب على الخروج من { نَّجْمَعَ } كأنك قلت في الكلام : أيحسب أن لن يقوى عليك ، بلى قادرين على أقوى منك ، يريد بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا ، وقرأ ابن أبي غيلة قادرون بالرفع ، أي بلى نحن قادرون ، ومجاز الآية : بلى نقدر على جمع عظامه وعلى ما هو أعظم من ذلك ، وهو : { عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } أنامله فيجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحد كخف البعير ، أو كظلف الخنزير ، أو كحافر الحمار ، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً ولكنا فرقنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء ، ويقبض إذا شاء ويبسط إذا شاء فحسنّا خلقه . هذا قول عامة المفسرين . وقال القبيسي : ظن الكافر أن الله لا يبعث الموتى ولا يقدر على جمع العظام البالية ، فقال الله سبحانه : بلى قادرين أن نعيد السلاميات على صغرها ونؤلف بينها حتى نسوي البنان ، ومَنْ يقدر على هذا فهو على جمع كبار العظام أقدر وهذا كرجل قلت له : أتراك تقدر على أن تؤلف من هذا الحنظل في خيط ويقول نعم وبين الخردل .