Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 5-28)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } يقول تعالى ذكره : ما يجهل إبن آدم أن ربّه قادر على جمع عظامه بعد الموت ، ولكنّه يريد أن يفجر أمامه ، أي يمضي قدماً في معاصي الله راكباً رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب ، هذا قول مجاهد والحسن وعكرمه والسدي ، وقال سعيد بن جبير : يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، يقول : سوف أتوب حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوأ أعماله ، وقال الضحاك : هو الأمل يأمل الإنسان يقول : أعيش وأصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت ، وقال ابن عباس وابن زيد : يكذّب بما أمامه من البعث والحساب ، وقال ابن كيسان : يريد أن تأتيه الآخرة التي هي أمامه فيراها في دار الدنيا . وأصل الفجور : الميل ، ومنه قيل للكافر والفاسق والكافر : فاجر ، لميلهم عن الحق ، وقال السدي أيضاً : يعني ليظلم على قدر طاقته ، وقيل : يركب رأسه في هواه ويهتم حيث قادته نفسه . { يَسْأَلُ أَيَّانَ } متى { يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } فبيّن الله له ذلك فقال عزّ من قال : { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } قرأ أبو جعفر ونافع وابن أبي إسحاق : { بَرِقَ } بفتح الراء وغيرهم بالكسر . أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا الحسن بن الحسين بن أيوب ، أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : حدّثنا أبو عبيد قال : حدّثنا حجاج عن هارون قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عنها فقال : برق بالكسر يعني جار قال : وسألت عنها عبد الله بن أبي إسحاق فقال : برَق بالفتح ، وقال : إنّما برق الحنظل اليابس ، وبرق البصر قال : فذكرت ذلك لأبي عمرو فقال : إنما برق الحنظل والنار والبرق ، وأما البصر فبرق عند الموت ، قال : فأخبرت بذلك ابن أبي إسحاق فقال : أخذت قراءتي عن الأشياخ نصر بن عاصم وأصحابه فذكرت ذلك لأبي عمرو فقال : لكني لا آخذ عن نصر ولا عن أصحابه كأنه يقول أخذ عن أهل الحجاز فقال : قتادة ومقاتل : شخص البصر فلا يطرف مما يرى من العجائب مما كان يكذب به في الدنيا إنّه غير كائن ، وقال الفراء والخليل : برق بالكسر فزع ، وأنشدا لبعض العرب : @ فنفسك قانع ولا تتغي وداو الكلوم ولا تبرق @@ أي لا تفزع من الجرح الذي بك . قال ذو الرمّة : @ ولو أن لقمان الحكيم تعرّضت لعينيه ميّ سافراً كاد يبرق @@ وبرَق بفتح الراء : شقّ عينه وفتحها ، وأنشد أبو عبيدة : @ لما أتاني ابن عمير راغباً أعطيته عيساً صهاباً فبرق @@ أي فتح عينه ، ويجوز أن يكون من البرق . { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } أظلم وذهب ضوءه ، قال ابن كيسان : ويحتمل أن يكون بمعنى غاب كقوله سبحانه { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [ القصص : 81 ] ، وقرأ [ ابن أبي اسحاق وعيسى والأعرج ] : وخُسف بالضم لقوله : { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } [ القيامة : 9 ] أسودين مكوّرين كأنهما ثوران عقيران ، وهي في قراءة عبد الله : وجمع بين الشمس والقمر ، وقيل : وجمع بينهما في ذهاب الضياء ، وقال عطاء بن يسار : يجمعان يوم القيامة ، ثم يقذفان في البحر ، فيكونان نار الله الكبرى ، وقال علي بن أبي طالب وابن عباس : يجعلان في نور الحجب . { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } المهرب ، وقرأها العامة { ٱلْمَفَرُّ } بفتح الفاء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم قالا : لأنه مصدر ، وقرأ ابن عباس والحسن بكسر الفاء ، قال الكسائي : هما لغتان مثل مدَب ومدِب ومصَح ومصِح ، وقال الآخرون : بالفتح المصدر وبالكسر موضع الفرار مثل المطلع والمطلع . { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } لا حصن ولا حرز ولا ملجأ ، قال السدي : لا جبل ، وكانوا إذا فزعوا نحوا إلى الجبل فتحصّنوا به فقال الله سبحانه : لا جبل يومئذ يمنعهم . { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } أي مستقر الخلق وأعمالهم وكل شي ، وقال مقاتل : المنتهى فلا يجد عنه مرحلا نظيره { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } [ النجم : 42 ] وقال يمان : المصير والمرجع ، وهو قول ابن مسعود نظيره { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } [ العلق : 8 ] و { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } [ آل عمران : 28 ] وقوله سبحانه { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } [ الشورى : 53 ] . { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [ القيامة " 13 ] قال ابن مسعود وابن عباس : قدم قبل موته من عمل صالح أو طالح وما أخر بعد موته من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها . عطية عن ابن عباس : بما قدّم من المعصية وأخّر من الطاعة . مجاهد : بأول عمل عمله وآخره . قتادة : بما قدّم من طاعة الله وأخّر من حقّ الله فضيّعه . ابن زيد : بما قدّم من عمل من خير أو شر وما أخّر من العمل بطاعة الله فلم يعمل به . عطاء : بما قدّم في أول عمره وما أخّر في آخر عمره . زيد بن أسلم : بما قدم من أمواله لنفسه وما أخّر خلّف للورثة ، نظيره { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } [ الإنفطار : 5 ] . سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان يقول : سمعت أبي يقول : سمعت أبا عثمان يقول : خمس مصائب في الذنب أعظم من الذنب : أوّلها : خذلان الله لعبده حتى عصاه ولو عصمه ما عصاه . والثانية : أن سلبه حلية أوليائه وكساه لباس أعدائه . والثالثة : أن أغلق عليه أبواب رحمته وفتح عليه أبواب عقوبته . والرابعة : نظر إليه وهو يعصيه . والخامسة : وقوفه بين يديه يعرض عليه ما قدّم وأخّر من قبائحه . فهؤلاء المصائب الخمس في الذنب أعظم من الذنب . { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } قال عكرمة ومقاتل والكلبي : معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقبا يرقبونه بعمله ويشهدون عليه به وهي : سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجميع جوارحه وهذه رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . قال القبسي : أقام جوارحه مقام نفسه لذلك رأت ويجوز أن يكون تأنيثه للإضافة إلى النفس كما تقول في الكلام : ذهبت بعض أصابعه ، و { بَصِيرَةٌ } مرفوعة بخبر حرف الصفة وهي قوله { عَلَىٰ نَفْسِهِ } ، ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه بصيرة ، ثم حذفت حرف الجر كقوله : { وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ } [ البقرة : 233 ] أي لأولادكم ، ويصلح أن يكون نعتاً لاسم مؤنث أي بل للإنسان على نفسه عين بصيرة وأنشد الفراء : @ كأن على ذي العقل عيناً بصيرة بمقعده أو منظر هو ناظره يحاذر حتّى يحسب الناس كلهم من الخوف ولا تخفى عليه سرائره @@ قال أبو العالية وعطاء : بل الإنسان على نفسه شاهد ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، والهاء في { بَصِيرَةٌ } للمبالغة ، وقال الأخفش : هي كقولك فلان عبرة وحجة ، ودليل هذا التأويل قول الله تعالى : { كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [ الإسراء : 14 ] وقال ابن تغلب : البصيرة والبينة والشاهد والدليل واحد . { وَلَوْ أَلْقَىٰ } عليه { مَعَاذِيرَهُ } يعني أنه يشهد عليه الشاهد ولو أعتذر وجادل عن نفسه . نظيره قوله سبحانه : { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ } [ غافر : 52 ] وقوله : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وأبو العالية وعطا . قال الفراء : ولو اعتذر فعليه من نفسه من يكذّب عذره . مقاتل : ولو أدلى بعذر أو حجة لم ينفعه ذلك . ومعنى الإلقاء : القول نظيره : { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } [ النحل : 86 ] { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } [ النحل : 87 ] . الضحاك والسدي : يعني ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب ، قال : وأهل اليمن يسمّون الستر المعذار ، وقال بعض أهل المعاني : المعاذير إحالة بعضهم على بعض . { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } وذلك أن رسول الله ( عليه السلام ) كان لا يفتر من قراءة القرآن مخافة أن ينساه ، وكان إذا نزل عليه جبرائيل بالقرآن لم يفرغ جبرائيل من الآية حتى يقرأ رسول الله ( عليه السلام ) أولها ويحرك لسانه بها في نفسه مخافة أن ينساها فأنزل الله سبحانه { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [ طه : 114 ] وأنزل { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [ الأعلى : 6 ] وأنزل { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ } أي بالوحي لسانك به أي تلاوته لتحفظه ولا تنساه { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } في صدرك حتى تحفظه { وَقُرْآنَهُ } وقراءته عليك حتى تعيه وقيل أراد بقوله : { وَقُرْآنَهُ } وجمعه في صدرك وهو مصدر كالرجحان والنقصان . { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ } عليك { فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } أي ما فيه من الأحكام { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } بما فيه من الحدود والحلال والحرام . { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } قرأهما أهل المدينة والكوفة بالتاء وغيرهم بالياء أي يختارون الدنيا على العقبى نظيرها في سورة الإنسان { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } [ الإنسان : 27 ] . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } يعني يوم القيامة { نَّاضِرَةٌ } . قال ابن عباس : حسنة . قال الحسن : حسّنها الله بالنظر إلى ربها . مجاهد : مسرورة . ابن زيد : ناعمة . مقاتلان : بيض يعلوها النور . السدي : مضيئة . يمان : مسفرة . الفراء : مشرقة بالنعيم . الكسائي : بهجة . قال الفراء والأخفش : يقال نضر الله وجه فلان فلا يتنضر نضيراً فنضر وجهه ننضّرُ نضّرة ونضارة قال الله سبحانه : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [ المطففين : 24 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها " ، ونظر في هذه الآية قوله سبحانه : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } [ عبس : 38 - 39 ] . { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } وأكثر الناس تنظر إلى ربّها عياناً . قال الحسين بن واقد : أخبرني يزيد بن عكرمة وإسماعيل بن أبي خالد وأشياخ من أهل الكوفة قالوا : تنظر إلى ربّها نظراً ، وقال الحسن : تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق ، وقال عطية العوفي : ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته وبصره يحيط بهم ، فذلك قوله سبحانه : { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَارَ } [ الأنعام : 103 ] ودليل هذا التأويل ما أخبرنا الحسن بن فنجويه قال : حدّثنا ابن ماجه قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن مندة الأصفهاني قال : حدّثنا الحسين بن حفص قال : حدّثنا إسرائيل بن يونس عن ثوير بن أبي ناختة قال : سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف عام ، وإن أكرمهم على الله لمن ينظر إلى وجهه تبارك وتعالى غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله ( عليه السلام ) { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أبو النفخ محمد بن الحسن الأزدي الموصلي قال : حدّثني أحمد بن عيسى بن السكين قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي قال : حدّثنا قال : أخبرنا رباح بن زيد الصنعاني قال : أخبرني ابن جريح قال : أخبرني زياد بن سعد أن أبا الزبير أخبره عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتجلّى ربّنا عزّوجل حتى ينظروا إلى وجهه فيخرّون له سجداً فيقول : إرفعوا رؤسكم فليس هذا بيوم عبادة " . وروى الحسن عن عمار بن ياسر قال : كان من دعاء النبي ( عليه السلام ) : " اللهم أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلّة " يعني أنّها تنتظر الثواب من ربّها ولا تراه من خلفه شي . قلت : وهذا تأويل مدخول ؛ لأنّ العرب إذا أرادت بالنظر الانتظار قالوا : نظرته ، كما قال الله سبحانه : { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } [ محمد : 18 ] هل ينظرون إلاّ نار الله ؟ و { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [ يس : 49 ] وإذا أردت به التفكّر والتدبير قالوا : نظرت فيه فأمّا إذا كان النظر مقروناً بذكر إلى وذكر الوجه فلا يكون إلاّ بمعنى الرؤية والعيان . { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } عابسة كالحة متغيّرة مسودة { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } قال مجاهد : داهية ، سعيد بن المسيب : قاصمة الظهر وأصلها الفقرة والفقار ، يقال : فقره إذا كسر فقاره ، كما يقال : رأسه إذا ضرب رأسه ، وقال قتادة : الفاقرة : الشرّ ، وقال ابن زيد : تعلم أنها ستدخل النار ، وقال أبو عبيدة : الفاقرة : الداهية يقال : عمل بها الفاقرة وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو بنار حتى يخلص إلى العظم ، وقال الكلبي : منكرة من العذاب وهي الحجاب . { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ } يعني النفس كناية عن غير مذكور { ٱلتَّرَاقِيَ } فيحشرج بها عند الموت ، والتراقي : العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال ، وقال دريد بن الصمة : @ ورُبَّ عظيمة دافعت عنهم وقد بلغت نفوسهم التراقي @@ { وَقِيلَ } وقال من حضره { مَنْ رَاقٍ } هل من طبيب يرقيه ويداويه فيشفيه . قال قتادة : التمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء شيئاً . أخبرني الحسين قال : حدّثنا السني أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال : حدّثنا مسدّد بن مسرهد عن خالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كوى غلاماً له فقلت أتكوى قال : نعم هوّدوا العرب . أخبرنا ابن مسعود أن رسول الله ( عليه السلام ) قال : " إن الله سبحانه لم ينزل داء إلاّ وقد أنزل معه دواء جهله من جهله وعلمه من علمه " ، وقال سليمان التيمي ومقاتل بن سليمان : هذا من قول الملائكة يقول بعضهم لبعض من يرقى بروحه فيصعد بها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، وهذه رواية أبي الجوزاء عن ابن عباس . قال أبو العالية : يختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب أيّهم يترقّى بروحه . { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } فراق ليس يشبهه فراق قد انقطع الرجاء عن التلاق . أخبرنا الربيع بن محمد الخاتمي ومحمد بن عقيل الخزاعي قالا : أخبرنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني قال : أخبرنا الخضر بن أبان القرشي قال : حدّثنا ابن ميثم بن هدية عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( عليه السلام ) : " إنّ العبد ليعالج كرب الموت وسكراته وإنّ مفاصله يسلّم بعضها على بعض يقول عليك السلام تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة " .