Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 29-40)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } قال الربيع بن أنس : الدنيا بالآخرة ، وهي رواية أبي الجوزاء وعطية عن ابن عباس ، ورواية عوف ومنصور عن الحسن ، وروى الوالي وبادان عن ابن عباس قال : أمر الدنيا بأمر الآخرة ، فكان في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة ، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وقال : إسماعيل ابن أبي خالد : عمل الدنيا بعمل الآخرة ، وقال الضحاك : الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه ، وروى سفيان عن رجل عن الحسن عن مجاهد قالا : اجتمع فيه الحياة والموت . قتادة : الشدّة بالشدّة . بشر بن المهاجر عن الحسن قال : هما ساقاك إذا لفّتا في الكفن ، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب . وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو محمد المزني قال : حدّثنا مطين قال : حدّثنا نصر بن علي فقال : حدّثنا خالد بن قيس عن قتادة عن الحسن قال : ماتت رجلاه ولم تحملاه وكان عليهما جوّالا ، وروى شعبة عن قتادة قال : أمر أتاه إذا ضرب برجله الأخرى . أبو مالك : يلبسهما عند الموت . عكرمة : خروج من الدنيا إلى الآخرة . أبو يحيى عن مجاهد : بلاء ببلاء . القرطبي : الأمر بالأمر . زيد بن أسلم : ساق الكفن بساق الميت . سعيد بن جبير : تتابعت عليه الشدائد . السدي : لا يخرج من كرب إلاّ جاءه أشدّ منه ، والعرب لا تذكر الساق إلاّ في المحن والشدائد ، ومنه مثلهم السائر : ( لا يرسل الساق إلاّ ممسكاً ساقاً ) ، وقال أميّه بن أبي الصلّت : @ وقد أرقت لهمَ بات يطرقني والنفس ذات حزازات وطرّاق مستجذ بالقراة حين آرقني ليل التمام أقاسيه على ساق @@ أي على تعب وشدة . وقال ابن عطاء : اجتمع عليه شدّة مفارقة الوطن من الدنيا والأهل والولد وشدّة القدوم على ربّه لا يدري بماذا يقدم عليه لذلك قال عثمان بن عفان : ما رأيت منظراً إلاّ والقبر أفضع منه ؛ لأنّه آخر منازل الدنيا وأول منازل الآخرة ، وقال يحيى بن معاذ : إذا دخل الميت القبر قام على شفير قبره أربعة أملاك واحد عند رأسه والثاني عند رجليه والثالث عن يمينه والرابع عن يساره ، فيقول الذي عند رأسه : يا ابن آدم انفضّت الآجال وانقطعت الآمال ، ويقول الذي عن يمينه : ذهبت الأموال وبقيت الأعمال ، ويقول الذي عن يساره : ذهب الأشغال وبقي الوبال ، ويقول الذي عند رجليه : طوبى لك من كسبك إن كان كسبك من الحلال وكنت مشتغلاً بخدمة ذي الجلال . { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } المنتهى والمرجع تسوق الملائكة روحه حيث أمرهم الله سبحانه وتعالى . { فَلاَ صَدَّقَ } يعني أبا جهل { وَلاَ صَلَّىٰ * وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبختر ، قال زيد بن أسلم : هي مشية بني مخزوم وأصله من المطا وهو الظهر أي يلوي مطاه تبختراً ، وقيل : أصله يتمطط أي يتمدد ، والمط هو المد فجعلت أحدى الطاءت يا ، وقد مضت هذه المسألة وتمطى الإنسان إذا قام من منامه فتمدّد . أخبرني الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن علي بن الحسين الهمداني قال : حدّثنا محمد بن علي بن مخلد الفرقدي قال : حدّثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال : حدّثنا سفيان بن عتبة عن يحيى بن سعيد الأنصاري سمع شيخاً قديماً يقال له بجنس مولى الزبير يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم الروم وفارس سلط بعضهم على بعض " قال سفيان : فأخبرت بهذا الحديث ابن أبي نجيح فقال هل تدرون ما المطيطاء ؟ هو مثل قوله سبحانه : { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبختر . { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } هذا وعيد من الله سبحانه على وعيد أبي جهل وهي كلمة موضوعة للتهدّد والوعيد قالت الخنساء : @ هممت بنفسي كل الهموم فأولى لنفسي أولى لها @@ وأنشدني أبو القيّم السدوسي قال : أنشدني أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي الأدبي قال : أنشدنا أحمد بن يحيى بن تغلب : @ يا أوس لو نالتك أرماحنا كنت كمن تهوى به الهاويه القيتا عيناك عند القفا أولى فأولى لك ذا واقيه @@ وقال بعض العلماء : معناه أنك أجدر بهذا العذاب وأحقّ وأولى ، يقال للرجل يصيبه مكروه يستوجبه ، وقيل : هو كلمة يقولها العرب لمن قاربه المكروه وأصلها من الولي وهو القرب ، قال الله سبحانه : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ } [ التوبة : 123 ] ويقال ثمّ الذي يليه أي يقرب منه . قال الشاعر : @ فصالوا صولة فيمن يليهم وصلنا صولة فيمن يلينا @@ وقال آخر : @ هجرت غضوب وحب من يتجنّب وَعَدَتْ عواد دون وليك تشعب @@ وحكى لنا الإستاذ أبو القيم الحلبي أنه سمع أبا الهيثم الجمي وكان عارفاً بالمعاني يقول حاكياً عن بعض العلماء : أن قوله { أَوْلَىٰ } من المقلوب مجازه : أويل من الويل ، كما يقال : ما أطيبه وأيطبه وعاقني وعقاني وأيم وأيامي وأصله أيايم وقوس وقسي وأصله قؤوس ، ومعنى الآية كأنه يقول لأبي جهل : الويل لك يوم تموت ، والويل لك يوم تبعث ، والويل لك يوم تدخل النار وتخلد فيها . وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي ( عليه السلام ) لمّا نزلت هذه الآية اخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له : { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } فقال أبو جهل : اتوعدني يا محمد والله ما تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئاً وأني لأعزّ من مشى بين جبليها ، فلمّا كان يوم بدر أشرف عليهم وقال : لا نعبد الله بعد اليوم ، فصرعه الله شرّ مصرع ، وقتله أسوأ قتلة ، أقعصه ابنا عفراء وأجهز عليه ابن مسعود ، قال : وذكر لنا أن أبا جهل كان يقول : لو علمت أن محمداً رسول الله ما أتبعت غلاماً من قريش قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إنّ لكل أمّة فرعوناً وأن فرعون هذه الأمة أبو جهل " . { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } هملا لا يؤمر ولا ينهى يقال : أسديت حاجتي أي ضيّعتها ، وأبل سدى ترعى حيث شاءت بلا راع . { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } قرأ الحسن وابن محيص وأبو عمرو ويعقوب وسلام بالياء وهي رواية المفضل وحفص عن عاصم واختيار أبي عبيد لأجل المنى ، وقرأ الباقون بالتاء لأجل النطفة وهو اختيار أبي حاتم . { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } خلقه { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * أَلَيْسَ ذَلِكَ } الذي فعل هذا { بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ } . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا القطيعي قال : حدّثنا الكندي قال : حدّثنا سعيد بن بنان الصفار قال : حدّثنا شعبة قال : حدّثني يونس الطويل جليس لأبي إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب قال : " لما نزلت هذه الآية { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ } قال رسول الله ( عليه السلام ) : " سبحانك وبلى " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم الربيعي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبدالله ابن أيوب المخزومي قال : حدّثنا صالح بن مالك قال : حدّثنا أبو نوفل علي بن سليمان قال : حدّثنا أبو إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس قال : من قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [ الأعلى : 1 ] إماماً كان أو غيره فليقل : سبحان ربي الأعلى ، ومن قرأ : { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } فإذا انتهى إلى آخرها فليقل : سبحانك اللهم بلى ، إماماً كان أو غيره .