Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 52-60)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } قال ابن عباس : كفعل آل فرعون ، وقال الضحاك : كصنيعهم ، وقال مجاهد ، وعطاء : كسنّتهم ، وقال يمان : كمثلهم يعني أن أهل بدر فعلوا كفعل آل فرعون من الكفر والذنوب ، ففعل الله بهم كما فعل بآل فرعون من الهلاك والعذاب ، وقال الكسائي : كما أن آل فرعون جحدوا كما جحدتم وكفروا كما كفرتم . قال الاخفش ، والمؤرخ ، وأبو عبيدة : كعادة آل فرعون . { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } فعاقبهم الله { بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } . قال الكلبي : يعني أهل مكة ، أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، وبعث إليهم محمداً ( عليه السلام ) فغيّروا نعم الله ، وتغييرها أن كفروا بها وتركوا شكرها ، وقال السدّي : نعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم أنعم به على قريش فكذبوه وكفروا به فنقله إلى الأنصار . { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من كفار الامم { كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } بعضاً بالرجفة وبعضاً بالخسف وبعضاً بالمسخ وبعضاً بالحصى وبعضاً بالماء ، فكذلك أهلكنا كفار مكة بالسيف والذل { وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ } الآية { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } . سمعت أبا القاسم بن حبيب ، سمعت أبا بكر عبدش يقول : من هاهنا صلة الذين عاهدتهم ، وسمعته يقول سمعت المنهل بن محمد بن محمد بن الاشعث يقول : دخلت بين لأن المعنى : الذين أخذت منهم العهد ، وقيل : عاهدت منهم أي معهم { ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } وهم بنو قريظة ، نقظوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا مشركي مكة بالسلاح على قبال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا ، ثم عاهدهم الثانية فنقضوا العهد ومالوا إلى الكفار على رسول الله يوم الخندق ، وكتب كعب بن الاشرف إلى مكة يوافقهم على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } لا يخافون الله في نقض العهد . { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ } ترينّهم وتجدنّهم { فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } قال ابن عباس : فنكّل بهم من ورائهم ، وقال قتادة : عِظ بهم مَنْ سواهم من الناس ، وقال سعيد بن جبير : أنذر بهم مَنْ خلفهم ، وقال ابن زيد : أخفهم بهم . وقيل : فرَّق جمع كل ناقض مما بلغ من هؤلاء ، وقال عطاء : أثخن فيهم القتل حتى يخافك غيرهم من أهل مكة وأهل اليمن ، وقال ابن كيسان : اقتلهم فلا من يهرب عنك مَن بعدهم . وقال القتيبي : سمِّع بهم ، وأنشد : @ أُطوّف في الاباطح كل يوم مخافة أن يشردّ بي حكيمُ @@ وأصل التشريد : التطريد والتفريق والتبديد ، وقرأ أبن مسعود ( وشرّذ ) بالذال معجم وهو واحد . قال قطرب التشريذ بالذال التنكيل ، وبالدال للتفريق من خلفهم أي من ورائهم ، وقيل من يأتي خلفهم ، وقرأ الأعمش مِن ( خلفِهم ) بكسر الميم والفاء تقديره : فشرِّد بهم من خلفهم من عمل قبل عملهم { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } يعتبرون العهد فلا ينقضون العهد . { وَإِمَّا تَخَافَنَّ } تعلمنّ يا محمد { مِن قَوْمٍ } معاهدين لك { خِيَانَةً } نكث عهد ونقض عقد بما يظهر لك منهم من آثار الغدر والخيانة كما ظهر من قريظة والنضير { فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ } فاطرح إليهم عهدهم { عَلَىٰ سَوَآءٍ } وهذا من الحان القرآن ، ومعناه : فناجزهم الحرب ، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك فسخت العهد بينك وبينهم حتى تصير أنت وهم على سواء من العلم بأنك محارب ، فيأخذوا للحرب أهبتها وتبرؤوا من الغدر ، وقال الوليد بن مسلم : على سواء أي على مهل وذلك قوله { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } [ التوبة : 2 ] . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ } قرأ أبو جعفر ، وابن عامر بالباء على معنى لاتحسبن الذين كفروا انهم أنفسهم سابقين فائتين من عذابنا ، وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ } قرأ العامة بالكسر على الابتداء ، وقرأ أهل الشام وفارس بالفتح ويكون لا صلة ، تقديره : ولا تحسبن الذين كفروا أن سبقوا أنّهم يعجزون أي يفوتون . { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } أي من الآلات يكون قوة له عليهم من الخيل والسلاح والكراع . صالح بن كيسان عن رجل عن عقبة بن مسافر الجهني " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر ، وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ، فقال : ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي " وروى ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة فقال : لقي رجل مجاهداً بمكة ومع مجاهد جوالق فقال مجاهد هذا من القوة ، ومجاهد يتجهز للغزو ، وقال عكرمة القوة الحصون . { وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } [ الاناث ] { تُرْهِبُونَ بِهِ } تخوفون ، ابن عباس : تخزون ، وقرأ يعقوب : ترهبون بتشديد الهاء وهما لغتان : أرهبته ورهّبته { عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } قال مجاهد : بنو قريظة . السدّي : أهل فارس . ابن زيد : المنافقون لا تعلمونهم لأنهم منكم يقولون : لا إله إلا الله ، ويغزون معكم ، وقال بعضم : هم كفار الجن ، وقال بعضهم : هم كل عدو من المسلمين غير الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشردّ بهم . { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } يدّخر ويوفّر لكم أجره { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } .