Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } انشقت { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } تساقطت { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } أي فجر بعضها في بعض عدنها في ملحها وملحها في عدنها فصارت بحراً واحداً ، وقال الحسن : ذهب ماؤها ، وقال الكلبي : مليت . { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } بحثت ونثرت وأثيرت فاستخرج ما في الأرض من الكنوز ومن فيها من الموتى أحياء ، يقال : بعثرت الحوض وبحثرته إذا هدمته فجعلت أسفله أعلاه ، وهذا من أشراط الساعة أن تخرج الأرض أفلاذ كبدها من ذهبها وفضّتها وأموالها { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ } من عمل صالح أو طالح . { وَأَخَّرَتْ } من سنّة حسنة أو سيئة ، وقال عكرمة : ما قدّمت من الفرائض التي أدّتها واخّرت من الفرائض التي ضيّعتها ، وقيل : ما قدمت من الأعمال وأخّرت من المظالم ، وقيل : ما قدّمت من الصدقات وأخرّت من التركات ، وقيل ما قدّمت من الاسقاط والإفراط وما أخرت من الأولاد وهذا جواب إذا . { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } . أخبرنا عبد الله الفتحوي قال : حدّثنا أبو علي المقريء قال : حدّثنا أبو القاسم ابن الفضل المقريء قال : حدّثنا علي بن الحسين قال : حدّثنا المقدّمي وعلي بن هاشم قالا : حدّثنا كثير بن هشام قال : حدّثنا جعفر بن برقان قال : حدّثني صالح بن مسمار قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } قال : جهله ، وقال قتادة : غرّة شيطانه عدوه المسّلط عليه . وحدّثني الحسن بن محمد بن الحسن قال : حدّثني أبي عن جدّي عن علي بن الحسن الهلالي عن إبراهيم بن الأشعث قال : قيل للفضّيل بن عياض : لو أقامك الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بين يديه فقال : ما غرّك بربّك الكريم ماذا كنت تقول ؟ قال : أقول غرني ستورك المرخاة ، نظمه محمد ابن السماك فقال : @ يا كاتم الذنب أما تستحي الله في الخلوة ثانيكا غرك من ربّك إمهاله وستره طول مساويكا @@ وقال : مقاتل : غرّه عفو الله حين لم يعجّل عليه بالعقوبة ، وتلا [ نصر ] بن مغلس هذه الآية فقال : غرّه رفق الله به . وسمعت أبا القاسم الحلبي يقول : سمعت أبي يقول : سمعت علي بن محمد الورّاق يقول : سمعت يحيى بن معاذ يقول : لو أقامني الله سبحانه بين يديه فقال : ما غرّك بي ؟ قلت : غرّني بك برّك بي سابقاً وآنفاً . وسمعته يقول : أخبرنا عبد الله بن محمد بن صالح المغافري يقول : سمعت حماد بن بكر يحكي عن بعضهم أنه قال : لو سألني عن هذا ربي لقلت : غرّني حلمك ، وسمعته يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن يزيد النسقي يقول : سمعت أبا عبد الله حسن أبي بكر الورّاق يقول : سمعت أبا بكر الورّاق يقول : لو قال لي ما غرّك بربّك الكريم لقلت : غرّني كرم الكريم . قال أهل الإشارة : إنّما قال : { بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } دون سائر أسمائه وصفاته ؛ لأنه كان لفتة الإجابة حتى يقول : غرّني كرم الكريم ، قال منصور بن عمار لو قيل : ما غرّك بي ؟ قلت : يا رب ما غرّني إلاّ ما علمته من فضلك على عبادك وصفحك عنهم ، وروى أبو وائل عن ابن مسعود قال : ما منكم من أحد إلاّ سيخلو الله سبحانه وتعالى به يوم القيامة فيقول : يابن آدم ما غرّك بي يابن آدم ماذا عملت فيما علمت يابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ وسمعت أبا القاسم النيسابوري يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبيد الله الشامي وأبا الحسن محمد بن الحسين القاضي الجرجاني يقولان : سمعنا إبراهيم بن فاتك يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت ذا النون المصري يقول : كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر . وأنشدني الحسن بن جعفر البابي يقول : أنشدني منصور بن عبد الله الأصفهاني يقول : أنشدنا أبو بكر بن طاهر الأبهري في هذا المعنى : @ يا من غلا في الغنى والتيه وغرّه طول تماديه أملى لك الله فبارزته ولم تخف غبّ معاصيه @@ { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } قرأ أهل الكوفة بتخفيف الدال أي صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء قبيحاً أو جميلا وقصيراً أو طويلا ، وقرأ الباقون بالتشديد أي قوّمك وجعلك معتدل الخلق ، وهو اختيار الفراء وأبي عبيد لقوله سبحانه : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] . { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } قال مجاهد : في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم . وأنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن العسكري قال : حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن منصور قال : حدّثنا مطهر بن الهيثم قال : حدّثنا موسى بن علي عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( … ) : " وما ولد لك " قال : يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إمّا غلام وإما جارية . قال صلى الله عليه وسلم " من شبه " قال : فمن شبه إمه وأباه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقل هكذا إنّ النطفة إذا أستقرت في الرحم أحضر الله كلّ نسب بينهم وبين آدم ، أما قرأت هذه الآية { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } " قال صلى الله عليه وسلم " إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة قرد ، وإن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة خنزير " .