Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-13)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } يعني قل : سبحان ربّي الأعلى ، وإلى هذا التأويل ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وقال قوم معناه : نزّه ربّك الأعلى عما يقول فيه الملحدون ويصفه به المبطلون ، وجعلوا الاسم صلة ، ويجوز أن يكون معناه ، نزّه ذات ربّك عما لا يليق به ، لأن الاسم والذات والنفس عبارة عن الوجود والإثبات . وقال آخرون : نزّه تسمية ربّك وذكرك إياه إن تذكره إلاّ وأنت خاشع معظّم ولذكره محترم ، وجعلوا الاسم بمعنى التسمية ، وقال الفراء : سواء قلت سبح اسم ربّك أو سبح باسم ربّك إذا أردت ذكره وتسبحيه ، وقال ابن عباس : صلِّ بأمر ربّك الأعلى . { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } فعدل الخلق { وَٱلَّذِي قَدَّرَ } خفّف عليّ والسلمي والكسائي داله ، وشدَّدها الآخرون . { فَهَدَىٰ } : قال مجاهد : هدى الإنسان لسبيل الخير والشر والسعادة والشقاوة وهدى الأنعام لمراتعها ، وقال مقاتل والكلبي : عرّف خلقه كيف يأتي الذكر الانثى ، وعن عطاء قال : جعل لكل دابة ما يصلحها وهذا حاله ، وقيل : هدى لإكتساب الأرزاق والمعاش ، وقيل : خلق المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لوجه إستخراجها منه ، وقيل : هدى لدينه مَنْ يشاء من خلقه . قال السدي : قدر الولد في الرحم تسعة أشهر ، أقل ، أو أكثر ، وهدى للخروج من الرحم . وقال الواسطي : قدّر السعادة والشقاوة عليهم ثم يسّر لكل واحد من الطالعين سلوك ما قدّر عليه ، وقيل : قدّر الأرزاق فهداهم لطلبها ، وقيل : قدّر الذنوب على عباده ثم هداهم الى التوبة . { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } النبات من بين أخضر وأصفر وأحمر وأبيض . { فَجَعَلَهُ غُثَآءً } هشيماً بالياً ، { أَحْوَىٰ } أسود إذا هاج وعتق . { سَنُقْرِئُكَ } : سنعلمك ويقرأ عليك جبريل ، { فَلاَ تَنسَىٰ * إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أن تنساه وهو ما ننسخه من القرآن ، وهذا معنى قول قتادة ، وقال مجاهد والكلبي : كان النبي ( عليه السلام ) إذا نزل جبريل بالقرآن لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوله مخافة أن ينساها فأنزل الله تعالى : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } فلم ينس بعد ذلك شيئاً ، ووجه الاستثناء على هذا التأويل ما قاله الفراء : لم يشأ أن ينسى شيئاً ، وهو كقوله سبحانه : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ } [ هود : 107 ] ، وأنت تقول في الكلام لأعطينّك كل ما سألت إلاّ ما شاء أن أمنعك والنية أن لا تمنعه ، وعلى هذا مجاري الأيمان يستثنى فيها ونية الحالف النمّام . وسمعت محمد بن الحسن السلمي يقول : سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول : سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني يقول : كان يغشي الجنيد في مجلسه أهل النسك من أهل العلوم وكان أحد مَنْ يغشاه ابن كيسان النحوي ، وكان في وقته رجلا جليلا فقال له يوماً : يا أبا القاسم ما تقول في قوله سبحانه : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } فأجابه مسرعاً كأنه تقدم له السؤال قبل ذلك بأوقات : لا تنسى العمل به ، فأعجب ابن كيسان به إعجاباً شديداً وقال : لا يفضض الله فاك مثلك من يصدر عن رأيه . { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ } من القول والفعل { وَمَا يَخْفَىٰ } : قال محمد بن حامد : يعلم إعلان الصدقة واخفاءها . { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } لعمل الجنّة ، وقيل : هو متصل بالكلام الأول معناه : نعلم الجهر مما تقرأه يا محمد على جبريل إذا فرغ من التلاوة عليك ، وما يخفى ما تقرأه في نفسك مخافة ان تنساه . ثم وعده فقال : { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } أي يهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعلمه وتعمل به ، وقيل : ويوفقك للشريعة اليسرى ، وهي الحنفية السمحة . { فَذَكِّرْ } عظ بالقرآن { إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } التذكر { سَيَذَّكَّرُ } سيتّعظ { مَن يَخْشَىٰ } الله سبحانه { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } يعني ويتجنب التذكرة ويتباعد عنها . { ٱلأَشْقَى } الشقي في علم الله سبحانه . { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فيستريح { وَلاَ يَحْيَا } أي حياة تنفعه . وسمعت السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم البزاز يقول : قال إبن عطا : لا يحيى فيستريح عن القطيعة ولا يحيا فيصل إلى روح الوصلة .