Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 1-10)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } قال مجاهد : ضوؤها . قتادة : هو النهار كلّه . مقاتل : حرّها كقوله سبحانه في طه : { وَلاَ تَضْحَىٰ } [ طه : 119 ] يعني ولا يؤذيك الحرّ . { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } تبعها فأخذ من ضوئها وسار خلفها ، وذلك في النصف الأوّل من الشهر إذا أغربت الشمس تلاها القمر طالعاً . { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } جلّى الشمس وكشفها بإضائتها ، وقال الفراء وجماعة من العلماء : يعني والنهار إذا جلى الظلمة ، فجازت الكناية عن الظلمة ولم [ تذكر في أوله ] ؛ لأنّ معناها معروف وهو ألا ترى أنّك تقول : أصبحت باردة وأمست عرية وهبّت شمالاً فكنّي عن مؤنثات لم يجر لهن ذكر ؛ لأنّ معناهنّ معروف . { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي يخشى الشمس حتّى تغيب فتظلم الآفاق . { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } أي ومن خلقها ، وهو الله سبحانه وتعالى ، كقوله : { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } [ النساء : 3 ] ، { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ } [ النساء : 22 ] ، وقيل : هو ما المصدر أي وبنائها كقوله : { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } [ يس : 27 ] . { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } خلق ما فيها ، عن عطية عن ابن عبّاس والوالبي عنه : قسمها . غيره بسطها . { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } عدل خلقها { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } قال ابن عبّاس برواية الوالبي : يبيّن لها الخير والشرّ . وقال العوفي عنه : علّمها الطاعة والمعصية . الكلبي : أعلمها ما يأتي وما ينبغي ، وقال ابن زيد وابن الفضل : جعل فيها ذلك يعني بتوفيقه إيّاها للتقوى وخذلانه إيّاها للفجور . أخبرني الحسن قال : حدّثنا موسى قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن سنان قال : حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدّثنا عزرة بن ثابت الأنصاري قال : حدّثنا يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي قال ب قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه ؟ أشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم صلّى الله عليه وأكّدت عليهم الحجّة ؟ قلت : كلّ شيء قد قضى عليهم . قال : فهل يكون ذلك ظلماً ؟ قال : ففزعت منه فزعاً شديداً وقلت : إنّه ليس شيء إلاّ وهو خلقه وملك يده { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [ الأنبياء : 23 ] . فقال لي : سدّدك الله ، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون فيه ؟ أشيء قضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم صلى الله عليه وسلم وأكّدت به عليهم الحجّة ؟ فقال : في شيء قد قضى عليهم . قال : فقلت فيتمّ العمل إذا قال من كان الله سبحانه خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها وتصديق ذلك في كتاب الله عزّوجلّ : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } . { قَدْ أَفْلَحَ } سعِد وفاز ، وهاهنا موضع القسم . { مَن زَكَّاهَا } أي أفلحت نفس زكّاها الله أي أصلحها وطهّرها من الذنوب ووفّقها للتقوى ، وقد : { خَابَ } خسرت نفس { مَن دَسَّاهَا } دسسها الله فأهملها وخذلها ووضع منها وأخفى محلّها حين عمل بالفجور وركب المعاصي ، والعرب تفعل هذا كثيراً فيبدّل في الحرف المشدّد بعض حروفه ياء أو واو كالنقضي والتظنّي وبابهما . أخبرنا أبو بكر بن عيلوس قال : أخبرنا أبو الحسن المحفوظي قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } قال : أحدها أصلحها ، وقال الآخر : طهّرها . { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } قال أحدهما : أغواها ، وقال الآخر : أضلّها ، وقال قتادة : دسّها آثمها وأفجرها ، وقال ابن عبّاس : أبطلها وأهلكها ، وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو محمد المزني قال : حدّثنا الحضرمي قال : حدّثنا عثمان قال : حدّثنا أبو الأحوص عن محمد بن السائب عن أبي صالح : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } قد أفلحت نفس زكّاها الله ، وخابت نفس أفسدها الله عزّوجلّ . وقال الحسن : معناه قد أفلح من زكّى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله عزّوجلّ ، وقد خاب من دسّاها قال : من أهلكها وأضلّها وحملها على معصية الله عزّوجلّ ، فجعل الفعل للنفس . أخبرني الحسين قال : حدّثنا اليقطني قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يزيد العقيلي قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : حدّثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } وقف ثمّ قال : " اللّهمّ آتِ نفسي تقواها أنت وليّها ومولاها وزكّها أنت خير من زكّاها " .