Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 14-21)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } تتوقد وتتوهج ، وقرأ عبيد بن عمير ( تتلظى ) على الأصل ، وغيره على الحذف { لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى * ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } قرأ أبو هريرة : ليدخلنّ الجنة إلاّ من يأبى ، قالوا : يا أبا هريرة ، ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ فقرأ قوله سبحانه : { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا برهان بن علي الصوفي قال : حدّثنا أبو خليفة قال : حدّثنا القعبني قال : حدّثنا مالك قال : صلّى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب ، فقرأ فيها { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } ، فلمّا أتى على هذه الآية { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } وقع عليه البكاء فلم يقدر أن [ يتعدّاها ] من البكاء ، وقرأ سورة أُخرى . { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى * ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } قال أهل المعاني : أراد الشقي والتقي ، كقول طرفة : @ تمنى رجال أن أموت ، فإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد @@ أي بواحد . أخبرني الحسين قال : حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال : حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقري قال : حدّثنا جدّي قال : حدّثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن سالم . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن يوسف قال : حدّثنا ابن عمران قال : حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال : حدّثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنّ أبا بكر رضي الله عنه اعتق من كان يعذّب في الله : بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمّل . فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار ، فلمّا أسلمت عميت ، فقالوا : أعمتها اللاتِ والعزى . فقالت : هي تكفر باللات والعزى ، فردّ الله إليها بصرها ، ومرّ أبو بكر بها وهي تطحن وسيّدتها تقول : والله لا أعتقك حتى يعتقك صُباتك ، فقال أبو بكر فحلى إذاً يا أم فلان فبكمْ هي إذاً ؟ قالت : بكذا وكذا أوقية ، قال : قد أخذتها ، قومي ، قالت : حتى أفرغ من طحني . وأما بلال فاشتراه ، وهو مدفون بالحجارة ، فقالوا : لو أبيت إلاّ أوقية واحدة لبعناك ، فقال أبو بكر : لو أبيتم إلاّ مائة أوقية لأخذته ، وفيه نزلت يعني أبا بكر ، { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى * ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } إلى آخرها ، وأسلم وله أربعون ألفاً فأنفقها كلّها ، يعني أبا بكر . وأنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال : حدّثنا سفيان ، عن عتبة قال : حدّثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ، قال : [ إنما أريد ما أُريد ] فنزلت فيه { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى * ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } إلى آخر السورة ، وكان اسمه عبد الله بن عثمان . عن عطاء ، عن ابن عباس ، في هذه الآية " أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها ، وكان المشركون وكلوا امراة تحفظ الأصنام ، فأخبرتهم المرأة ، وكان بلال عبداً لعبد الله ابن جدعان ، فشكوا إليه ، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم ، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء ، وهو يقول : أحداً أحد ، فمرّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ينجيك أحد أحد ، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن بلالا يعذَّب في الله ، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به " . وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أُمية بن خلف قال لإبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعه ؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس ، وكان نسطاس عبداً لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي ، وكان مشركاً [ وحمله ] أبو بكر على الإسلام على أن يكون [ له ] ماله ، فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلمّا قال له أُمية : أتبيعه بغلامك نسطاس ؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به ، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلاّ ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله سبحانه { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ } من أُولئك الذين أعتقهم { مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } يد نكافئه عليها { إِلاَّ } لكن { ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ * وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } بثواب الله في العقبى عوضاً مما فعل في الدنيا . وأخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري العروضي في درب الحاجب قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد قال : حدّثنا أحمد بن نصر بن خفيف القلانسي الرقّاء قال : حدّثنا محمد بن جعفر بن سوّار بن سنان في سنة خمس وثمانين ومائتين قال : حدّثنا علي ابن حجر ، عن إسحاق بن نجح ، عن عطاء قال : " كان لرجل من الأنصار نخلة ، وكان له جار ، فكان يسقط من بلحها في دار جاره ، فكان صبيانه يتناولون ، فشكا ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي ( عليه السلام ) " بعنيها بنخلة في الجنة " ، فأبى قال : فخرج ، فلقيه أبو الدحداح ، فقال : هل لك أن تبيعها بجبس ؟ يعني حائطاً له ، فقال : هي لك ، قال : فأتى النبي ( عليه السلام ) ، فقال : يا رسول الله اشترها منّي بنخلة في الجنة ، قال : نعم ، قال : هي لك ، فدعا النبي ( عليه السلام ) جار الأنصاري ، فأخدها ، فأنزل الله سبحانه وتعالى { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } إلى قوله : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة " . { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } أبو الدحداح { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } يعني الثواب { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } يعني الجنة . { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } يعني الأنصاري { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } يعني الثواب { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } يعني النار ، { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } يعني به إذا مات كما في قوله : { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ * لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } صاحب النخلة { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } يعني أبا الدحداح { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } يعني أبا الدحداح { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } يكافئه بها ، يعني أبا الدحداح { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ * وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } إذا أدخله الجنة . " فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بذلك بجبس وعذوقه دانية ، فيقول : " عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة " .