Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 1-13)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } النهار فيذهب بضوءه { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ * وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } يعني ومن خلق . أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا الحسين بن أيوب قال : حدّثنا علي بن عبد العزيز قال : أخبرنا أبو عبيد قال : حدّثنا حجاج ، عن هارون ، عن إسماعيل ، عن الحسن : أنه كان يقرأ : وما خلق الذكر والأنثى ، فيقول : والذي خلق ، قال هارون قال أبو عمر وأهل مكة : يقول للرعد : سبحان ما سبّحت له . وقيل : وخلق الذكر والأنثى ، وذكر أنّها في قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء : والذكر والأنثى . أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا مكي قال : أخبرنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا أبو معونة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : قدمنا الشام ، فأتانا أبو الدرداء ، فقال : أمنكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبد الله ؟ قال : فأشاروا إليّ ، فقلت : نعم أنا ، فقال : فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية ، { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } ؟ قال : قلت : سمعته يقرأها ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأنثى ) . قال لنا : والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها وهؤلاء يريدونني أن أقرأ { وَمَا خَلَقَ } فلا أُتابعهم . { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } إنّ عملكم لمختلف [ وقال عكرمة وسائر المفسرين : السعي : العمل ] ، فساع في فكاك نفسه ، وساع في عطبها ، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والناس عاذيان فمبتاع نفسه فمعتقها ، وبائع نفسه فموبقها " . { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } ماله في سبيل الله { وَٱتَّقَىٰ } ربّه واجتنب محارمه { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } اي بالخلف أيقن بأن الله سبحانه سيخلف هذه ، وهذه رواية عكرمة وشهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، يدلّ عليه ما أخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم ، عن محمد بن جرير قال : حدّثني الحسن بن أبي سلمة بن أبي كبشة قال : حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال : حدّثنا عباد بن راشد ، عن قتادة قال : حدّثنا خليل العصري ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم غربت شمسه إلاّ وبعث بجنبتها ملكان يناديان ، يسمعهما خلق الله تعالى كلهم إلاّ الثقلين ، اللهم أعطِ منفقاً خلفا وأعطِ ممسكاً تلفاً ، فأنزل في ذلك القرآن ، فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى الى قوله للعسرى " . وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحّاك : وصدّق بالحسنى ، بـ ( لا إله إلاّ الله ) . وهي رواية عطية ، عن ابن عباس . وقال مجاهد : بالجنة ، ودليله قوله سبحانه { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ، وقال قتادة ومقاتل والكلبي : بموعود الله الذي وعده أن يثيبه . { فَسَنُيَسِّرُهُ } فسنهيّئه في الدنيا ، تقول العرب : يسّرت غنم فلان إذا ولدت أو تهيّأت للولادة ، قال الشاعر : @ هما سيدانا يزعمان وإنما يسوداننا إن يسّرت غنماهما @@ { لِلْيُسْرَىٰ } للخلّة اليسرى ، وهي العمل بما يرضاه الله سبحانه ، وقيل : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . { وَأَمَّا مَن بَخِلَ } بالنفقه في الخير { وَٱسْتَغْنَىٰ } عن ربّه فلم يرغب في ثوابه { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } أي للعمل بما لا يرضى الله حتى يستوجب به النار ، فكأنه قال : نخذله ونؤذيه إلى الأمرّ العسير ، وهو العذاب . وقيل : سندخله جهنم ، والعسرى اسم لها . فإنْ قيل : فأي تيسير في العسرى ؟ قيل : إذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشر جاز ذلك ، كقوله : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] [ التوبة : 34 ] [ الانشقاق : 24 ] . أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حمدان قال : حدّثنا ابن ماهان محمد بن صي قال : حدّثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فأخذ عوداً فجعل ينكث في الأرض ، فقال : " ما منكم من أحد إلاّ قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " ، فقال رجل : يا رسول الله ، أفلا نتكّل ؟ فقال " اعملوا فكلٌّ ميسّر " ، ثم قرأ { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } الآيات " . { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } قال مجاهد : مات ، وقال قتادة وأبو صالح : هو لحد في جهنم ، قال الكلبي : نزلت في أبي سفيان بن حرب . { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } أي بيان الحق من الباطل ، وقال الفرّاء : يعني من سلك الهدى فعلى الله سبيله ، كقوله سبحانه : { وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } [ النحل : 9 ] ، يقول : من أراد الله فهو على السبيل القاصد . وقيل : معناه : إنّ علينا للهدى والإضلال ، كقوله : بيدك الخير وسرابيل تقيكم الحر . { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } فمن طلبها من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق .