Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 7-8)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } أي يُرى ثوابه { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } . قال ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيراً ولا شراً في الدنيا إلاّ أراه اللّه إياه ، أما المؤمن فيرى حسناته وسيّئاته ، فيغفر له سيئاته ويثيبه لحسناته ، وأما الكافر فتردُ حسناته ويعذبه بسيّئاته . وقال محمد بن كعب في هذه الآية : فمن يعمل مثقال ذرة خيراً من كافر يرى ثوابه في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند اللّه خير ، ومن يعمل مثقال ذرة شرّاً من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا ، وليس له عند اللّه شر . ودليل هذا التأويل ما أخبرنا عقيل أنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثني أبو الخطاب الجنائي قال : حدّثنا الهيثم بن الربيع قال : حدّثنا سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قُلابة عن أنس قال : " كان أبو بكر يأكل مع النبي ( عليه السلام ) فنزلت هذه الآية : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } فرفع أبو بكر - رضي اللّه عنه - يده وقال : يا رسول اللّه أنّى أخبر بما عملت من مثقال ذرة من شر ؟ فقال : " يا أبا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذرّ الشرّ ، ويدّخر اللّه لك مثاقيل ذر الخير حتى تُوفّاه يوم القيامة " . له عن محمد بن جرير قال : حدّثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثني حُيي بن عبد اللّه عن أبي عبد الرحمن الجيلي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنه قال : " نزلت { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } وأبو بكر الصديق رضي اللّه عنه قاعد فبكى حين أُنزلت ، فقال له رسول اللّه ( عليه السلام ) : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟ " قال : أبكتني هذه السورة ، فقال له رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " واللّه لو أنكم لا تُخطِئُونَ ولا تُذْنِبونَ ويغفر اللّه لكم لخلق اللّه أُمّةً يخطئون ويذنبون فيغفر لهم " . وقراءة العامّة يره بفتح الياء في الحرفين ، وقرأ خالد بن نشيط وعاصم الجحدري بضم اليائين لقوله : { لِّيُرَوْاْ } . قال مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين وذلك أنه لما نزل { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } [ الدهر : 8 ] كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلّ أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ونحوها ويقول : ما هذا بشيء إنّما نُؤجر على ما نعطي ونحن نحبه يقول اللّه سبحانه : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } [ الدهر : 8 ] فما أحب لنا هذا فردهُ غفران ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، الكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ويقول : ليس عليَّ من هذا شيء إنّما وعد اللّه سبحانه النار على الكبائر ، وليس في هذا إثم ، فأنزل اللّه سبحانه يرغّبهم في القليل من الخير أن يعطوه ، فإنّه يوشك أن يكثر ، ويحذّرهم اليسير من الذنب فإنّه يوشك أن يكبر ، فالإثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعلى من الجبال ، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء فقال : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } . سُئل ثعلبة عن الذرّة قال : إن مائة مثل وزن حبّة والذرّة واحد منها . وقال يزيد بن [ مروان ] : زعموا أن الذرّة ليس لها وزن ، ومعنى المثقال الوزن ، وهو مفعال من الثقل ، وقال ابن مسعود : أحكم آية في القرآن { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسمّيها " الجامعة الفاذة " ، وتصدق سعد بن أبي وقّاص بتمرتين وقبض السائل يده فقال سعد : ويحك تقبل اللّه منّا مثقال الذرّة والخردلة وكأين في هذه من مثاقيل . وتصدّق عمر بن الخطّاب وعائشة بحبة من عنب وقالا فيها مثاقيل ذرّ كُثر . وروى المطّلب بن [ عبد الله عن عائشة ] " أن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس فقال رسول اللّه ( عليه السلام ) : " { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } " فقال الأعرابي : يا رسول اللّه مثقال ذرّة ؟ قال له : " نعم " ، فقال الأعرابي : يا رسول اللّه مثقال ذرّة ؟ قال له " نعم " ، فقال الأعرابي : واسوأتاه منّا إذاً ، ثم قام وهو يقولها فقال رسول اللّه ( عليه السلام ) : " لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان " . وأخبرنا عبد اللّه بن حاطب قال : أخبرنا محمد بن عامر السمرقندي قال : حدّثنا عمر بن يحيى قال : حدّثنا عبد بن حميد عن وهب بن جرير عن أبيه قال : سمعت الحسن يقول : " قدم صعصعة عمّ الفرزدق على النبي ( عليه السلام ) فلمّا سمع { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } قال : حسبي ما أبالي ولا أسمع من القرآن غير هذا " . وقال الربيع بن صبيح : مرّ رجل بالحسن وهو يقرأ هذه السورة ، فلمّا بلغ آخرها قال : " حسبي قد أتممت الموعظة " فقال الحسن : " لقد فقه الرجل " . أنشدنا أبو القاسم الحسن بن محمد المفسّر قال : أنشدني أبو الفضل أحمد بن محمد بن حمدون الفقيه قال : أنشدني أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الحواربي بواسط :