Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 42-42)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكلمة " مَنْ " تطلق وقد يراد بها المفرد ، وقد يراد بها المفردة ، وقد يراد بها المثنى ، وقد يراد بها الجمع ، ومرة يطابق اللفظ فيقول سبحانه : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ … } [ الأنعام : 25 ] . ومرة يقصد المعنى فيقول : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ … } [ يونس : 42 ] . لأن { مَّن } صالحة للموقعين . والسماع كما نعلم هو استقبال الأذن للصوت ، فإن كان صوتاً مُبْهماً كأصوات الحيوانات أو أصوات الأعواد ، فهذه الأصوات لا تفيد إلا ما تفيده النغمة في الجسم من هزة أو ارتجاج . وإما أن يكون الصوت له معنى تواضُعيٌّ ، كاللغات المختلفة التي يتخاطب بها الناس في البلدان المختلفة ، فإن تكلمتَ بالإنجليزية في بلد يتكلم أهله بهذه اللغة فهموك وفهمت عنهم . هذا هو معنى التواضع في اللغة ، أي : أن المتكلم والسامع على درجة . واحدة من الاتفاق على اللغة . والنبي صلى الله عليه وسلم عربي يتحدث بلسان عربي مبين لقوم من العرب ، فما العائق عن السمع إذن ؟ إن العائق عن السمع نفض الأذن لما يأتي من جهة الخصم ، والسماع - كما نعلم - هو استشراف المخاطب إلى ما يفهم من المتكلم ، فإن لم يوجد عند المخاطب استشراف إلى أن يسمع ، فالكلام يُقال ولا يصل . إذن : لا بد للسامع من حالة الاستشراف إلى فهم ما يقوله المتكلم . وكما يقول المثل : " أذن من طين وأخرى من عجين " . أو كما تقول المزحة أن واحداً مال على أذن صديق له وقال : " أريد أن أقول لك سِرّاً " فاقترب الصديق مستشرفاً سماع السر ، فقال الرجل : " أريد مائة جنيه كقرض " فقال الصديق : " كأني لم أسمع هذا السر " . إذن : فالكلام ليس مجرد صوت يصل إلى الأذن ، لكن لا بد من استشراف نفسي للتلقي . وهم لا يملكون هذا الاستشراف لذلك قال الحق سبحانه : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ … } [ يونس : 42 ] أي : كان سمعهم لا يسمع . ومثال ذلك : أننا نجد المدرس الذي يشرح الدرس للتلاميذ ، وبين التلاميذ من يستشرف السمع ولذلك يفهم الدرس ، أما الذي لا يستشرف فكأنه لم يسمع الدرس . وهم قد فاتوا الصُّمَّ لأن الأصم قد يفهم بالحركة أو الإشارة أو لغة العين ، ولكن هؤلاء لا يسمعون ولا يعقلون { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ يونس : 42 ] . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ … } .