Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 41-41)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذه آية تضع الاطمئنان في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يَقُل الله سبحانه : " إذا كذَّبوك " بل قال : { إِن كَذَّبُوكَ … } [ يونس : 41 ] وشاء الحق سبحانه أن يأتي بالتكذيب في مقام الشك ، وأتبع ذلك بقوله للنبي صلى الله عليه وسلم : { فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ … } [ يونس : 41 ] أي : أبْلِغْهم : أنا لا أريد أن أحْمِلكم على ما أعمل أنا ، إنما أريد لكم الخير في أن تعملوا الخير ، فإن لم تعملوا الخير فهذا لن يؤثر في حصيلتي من عملي . وبذلك يتضح لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُجازَى على عدد المؤمنين به ، بل بأداء البلاغ كما شاءه الله سبحانه . وقد شاء الحق سبحانه أن ينقل محمد صلى الله عليه وسلم الخير إلى أمته ، فإن ظلوا على الشر فهذا الشر لن يناله لأن خير البلاغ بالمنهج يعطيه صلى الله عليه وسلم خيراً ، لأنه يطبِّقه على نفسه ، وشر الذين لا يتبعونه إنما يعود عليهم لأن الذين يتأبون على الاستجابة لأي داعٍ إنما يظنون أن الداعي سوف يستفيد . والبلاغ عن الله ، إنما يطبقه الرسول صلى الله عليه وسلم منهجاً وسلوكاً ويُجازَى عليه . فلا يجوز الخلط في تلك المسائل { لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ … } [ يونس : 41 ] . ثم يقول الحق سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : { أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] . وكلمة { بَرِيۤءٌ } تفيد أن هناك ذنباً ، وهذا القول الحق فيه مجاراة للخصوم ، وشاء الحق سبحانه أن يُعلِّم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أدب الحوار والمناقشة ، فيقول : { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ سبأ : 24 ] . أي : أننا - الرسول ومعه المؤمنون - وأنتم أيها الكافرون إما على هدى ، أو في ضلال . والرسول صلى الله عليه وسلم موقن أنه على هدى وأن الكافرين على الضلال ، ولكنه يجاريهم عدالة منه صلى الله عليه وسلم ومجاراة لهم . كذلك يعلِّمه ربه سبحانه أن يقول : { قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا … } [ سبأ : 25 ] . أي : أنه يبين لهم : هَبُوا أنِّي أجرمتُ فأنتم لن تُسألوا عن إجرامي ، ومن أدب الرسول صلى الله عليه وسلم شاء له الحق سبحانه أن يقول : { وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ سبأ : 25 ] . ولم يقل : " ولا نُسأل عما تُجرمون " . وكذلك شاء الحق سبحانه أن تأتي هنا في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها : { أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ … } .