Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 84-84)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهنا شرطان ، في قوله تعالى : { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ … } [ يونس : 84 ] . وجاء جواب هذا الشرط في قوله سبحانه : { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ … } [ يونس : 84 ] . ثم جاء بشرط آخر هو : { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } [ يونس : 84 ] . وهكذا جاء الشرط الأول وجوابه ، ثم جاء شرط آخر ، وهذا الشرط الآخر هو الشرط الأول وهو الإسلام لله لأن الإيمان بالله يقتضي الإسلام وأن يكونوا مسلمين . ومثال ذلك في حياتنا : حين يريد ناظر إحدى المدارس أن يعاقب تلميذاً خالف أوامر المدرسة ونظمها ، ويستعطف التليمذ الناظر ، فيرد الناظر على هذا الاستعطاف بقوله : " إن جئت يوم السبت القادم قَبِلتك في المدرسة إن كان معك وليُّ أمرك ومجيء ولي الأمر هنا مرتبط بالموعد الذي حدده الناظر لعودة التلميذ لصفوف الدراسة ، وهكذا نجد أن الشرط الآخر مرتبط بالشرط الأول . وهنا يتجلَّى ذلك في قول الحق سبحانه : { … إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } [ يونس : 84 ] . والإيمان - كما نعلم - عملية وجدانية قلبية ، والإسلام عملية ظاهرية ، فمرة ينفذ الفرد تعاليم الإسلام ، وقد ينفك مرة أخرى من تنفيذ التعاليم رغم إيمانه بالله ، ومرة تجد واحداً ينفذ تعاليم الإسلام نفاقاً من غير رصيد من إيمان . ولذلك نجد الحق سبحانه وتعالى يقول : { ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ … } [ البقرة : 25 ] . ونجده سبحانه يبيِّن هذا الأمر بتحديد قاطع في قوله تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا … } [ الحجرات : 14 ] . والإيمان عملية قلبية لذلك يأتي الأمر الإلهي : { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ … } [ الحجرات : 14 ] . أي : أنكم تؤدون فروض الإسلام الظاهرية ، لكن الإيمان لم يدخل قلوبكم بعد . وهنا يقول الحق سبحانه : { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ … } [ يونس : 84 ] . وهكذا نرى أن التوكل مطلوب الإيمان ، وأن يُسلم الإنسان زمامه في كل أمر إلى مَنْ آمن به ولذلك لا ينفع الإيمان إلا بالإسلام ، فإن كنتم مسلمين مع إيمانكم فتوكلوا على الله تعالى . لكن إن كنتم قد آمنتم فقط ولم تسلموا الزمام لله في التكاليف إلى الله في " افعل " و " لا تفعل " ، فهذا التوكل لا يصلح . وهكذا يتأكد لنا ما قلناه من قبل من أنك إذا رأيت أسلوباً فيه شرط تقدم ، وجاء جواب بعد الشرط ، ثم جاء شرط آخر ، فاعلم أن الشرط الأخير هو المقدَّم ، لأنه شرط في الشرط الأول ، وبالمثل هنا فإن التوكل لن ينشأ إلا بالإسلام مع الإيمان . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا … } .