Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-9)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هنا يتحدث الحق سبحانه عن المقابل ، وهم الذين آمنوا ، ويعُلِّمنا أنه سبحانه : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } . والهداية - كما قلنا من قبل - معناها الدلالة على الخير ، بالمنهج الذي أرسله الحق سبحانه لنا ، وبه بيَّن الحق السُّبُلَ أمام المؤمن والكافر ، أما الذي يُقبل على الله بإيمان فيعطيه الحق سبحانه وتعالى هداية أخرى بأن يخفف أعباء الطاعة على نفسه ، ويزيده سبحانه هدى بالمعروف لذلك قال سبحانه : { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } [ البقرة : 45 ] . وهكذا يتلقى المؤمن مشقات الطاعة بحب فيهونّها الحق سبحانه عليه ويجعله يدرك لذة هذه الطاعة لتهون عليه مشقتها ، ويمده سبحانه أيضاً بالمعونة . يقول الحق سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } . وما داموا قد آمنوا فسبحانه يُنزِل لهم الأحكام التي تفيدهم في حياتهم وتنفعهم في آخرتهم ، أو أن الهداية لا تكون في الدنيا بل في الآخرة ، فما دامو قد آمنوا ، فهم قد أخذوا المنهج من الله سبحانه وتعالى وعملوا الأعمال الصالحة ، يهديهم الحق سبحانه إلى طريق الجنة . ولذلك يقول الحق سبحانه : { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم … } [ الحديد : 12 ] . ويقول سبحانه : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ … } [ التحريم : 8 ] . أي : أن نورهم يضيء أمامهم . أما المنافقون فيقولون للذين آمنوا : { ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ … } [ الحديد : 13 ] . أي : أن هذا ليس وقتَ التماس النور ، فالوقت - لالتماس النور - كان في الدنيا باتباع المنهج والقيام بالصالح من الأعمال . إذن : فالحق سبحانه يهدي للمؤمنين نوراً فوق نورهم في الآخرة . والآية تحتمل الهداية في الدنيا ، وتحتمل الهداية في الآخرة . ويصف الحق سبحانه حال المؤمنين في الآخرة فيقول : { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [ يونس : 9 ] . وقلنا : إن الجنة على حوافِّ الأنهار لأن الخضرة أصلها من الماء . وكلما رأيتَ مجرى للماء لا بد أن تجد خضرة ، والجنات ليست هي البيوت ، بدليل قول الحق سبحانه : { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ … } [ التوبة : 72 ] . ونجد الحق سبحانه يقول مرة : { تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ … } [ التوبة : 100 ] . ويقول سبحانه في مواضع أخرى : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ … } [ البقرة : 25 ] . والحق سبحانه يعطينا صوراً متعددة عن الماء الذي لا ينقطع ، فهي مياه ذاتية الوجود في الجنة لا تنقطع أبداً . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ … } .