Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 31-31)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهكذا يَسُدُّ نوح - عليه السلام - على هذا الملأ الكافر كل أسباب إعراضهم عن الإيمان ، فإن ظنوا أن الإيمان يتطلب ثراءً ، فنوح لا يملك خزائن الله ، وهو لا يملك أكثر من هذا الملأ ، وإن طلبوا أن يكشف لهم الغيب ، فالغيب علمه عند الله تعالى وحده . ولم يَدَّعِ نوح أنه من جنس آخر غير البشر ، إنما هو بشر مثلهم ، لا يملك ما يجبرهم به على الطاعة ، ثراءً ، أو جاهاً ، أو علم غيب . ولن يطرد نوح عليه السلام مَنْ آمن مِنَ الضِّعاف الذين تزدريهم وتحتقرهم وتتهكَّم عليهم عيون هذا الملأ الكافر لأن نوحاً يخشى سؤال الله - عَزَّ وجَلَّ - له إن سَدَّ في وجوه الضعاف أبواب الإيمان . ولا بد من وقفة هنا عند قول الحق سبحانه : { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً … } [ هود : 31 ] . ونلاحظ هنا أن الخطاب قد حُوِّل إلى الغَيبة ، فلم يخاطب نوح عليه السلام الضعاف ويقول لهم : إن الله سيمنع عنكم الخير ، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو العليم بما في نفوسهم ، ولو قال نوح لهم مثل هذا القول لكان من الظالمين . واللام في كلمة { لِلَّذِينَ } تعني الحديث عن الضعاف ، لا حديثاً إلى الضعاف . ومجيء " اللام " بمعنى " عن " له نظائر ، مثل قول الحق سبحانه : { … وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ سبأ : 43 ] . وهم هنا لا يقولون للحق ، ولكنهم يقولون عن الحق ، وهكذا جاءت " اللام " بمعنى " عن " . وهكذا أوضح نوح - عليه السلام - أنه لو طرد من يقال عنهم " أراذل " ، لكان معنى ذلك أنه يعلم النوايا ، ونوح - عليه السلام - يعلم يقيناً أن الله هو الأعلم بما في النفوس لذلك لا يضع نوح نفسه في موضع الظلم لا لنفسه ولا لغيره . يقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك : { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا … } .