Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 56-56)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعلن لهم هود عليه السلام حقيقة أنه يتوكَّل على الله تعالى الذي لا يعلوهم فقط ، ولا يرزقهم وحدهم ، بل هو الآخذ بناصية كل دابَّة تدبُّ في الأرض ولها حرية وحركة ، والناصية هي مقدّم الرأس ، وبها خصلة من الشعر . وحين تريد إهانة واحد فأنت تمسكه من خصلة الشعر هذه وتشدُّه منها . والحق سبحانه وتعالى يقول : { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } [ الرحمن : 41 ] . وفي آية أخرى يقول الله سبحانه : { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } [ العلق : 15 ] . إذن : فكيف لم يجرؤ قوم عاد على أن يسلِّطوا مجموعة ثعابين ، وأعداداً من الكلاب المتوحشة - مثلاً - على سيدنا هود عليه السلام . لم يستطيعوا ذلك ، وقد أعلن لهم سبب عجزهم عن الإضرار به حين قال لهم : { مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ هود : 56 ] . ونحن نلحظ أنه عليه السلام قال في صدر الآية : { رَبِّي وَرَبِّكُمْ … } [ هود : 56 ] ، وفي عَجزُ الآية قال : { … إِنَّ رَبِّي } [ هود : 56 ] ، والسبب في قوله : { رَبِّي وَرَبِّكُمْ … } [ هود : 56 ] أنهم كانوا قادحين في مسألة ربوبية الحق سبحانه . لذلك قال عليه السلام في مجال السيطرة : { رَبِّي وَرَبِّكُمْ } أما في عجز الآية فقال : { … إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ هود : 56 ] . أي : أن الإله الواحد سبحانه له مطلق العدالة ، ولم يأتِ هنا بشيء يخصُّ أربابهم لأنه هنا يتحدث عن مطلق عدالة الحق سبحانه . والحق سبحانه وتعالى على صراط مستقيم في منتهى قُدرته ، وقَهْره وسيطرته ، ولا شيء يُفلت منه ، ومع كل قدرة الله تعالى اللامتناهية فهو لا يستعمل قهره في الظلم . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ … } .