Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 81-81)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهكذا علم لوط - لأول مرة - أنهم رسل من الله تعالى ، رغم أنهم حين تكلموا مع إبراهيم لم يقولوا أنهم رسل من الله ليدلنا على أن إبراهيم عليه السلام كان يعلم أنهم رسل من الحق سبحانه ، لكنه لم يكن يعلم سبب مجيئهم . وهم حين أخبروا لوطاً : { إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ … } [ هود : 81 ] فمن باب أولى ألا يصلوا إليهم ، وتخبر الملائكة لوطاً أن يسري بأهله ليلاً أي : أخرج بأهلك في جزء من الليل ، وقد أوضحت الملائكة أن موعد النكال بقوم لوط هو الصبح : { … إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } [ هود : 81 ] . لذلك قالوا : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيْلِ … } [ هود : 81 ] . والمقصود أن يترك ربع الليل الأول ، وربعه الآخر ، وأن يسير في نصف الليل الذي بعد ربع الليل الأول وينتهي عند ربع الليل الأخير ، وقيل : إن أليق ما يكون بالقطع هو النصف . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ … } [ هود : 81 ] . والالتفات : هو الانصراف عن الشيء الموجود قبالتك ، ويسمى الانصراف عن المقابل . فهل المقصود هو الالتفات الحسي أم الالتفات المعنوي ؟ نحن نعلم أن لوطاً سيصحب المؤمنين معه من ديارهم وأموالهم ، وما ألفوه من مقام ومن حياة لذلك تنبههم الملائكة ألا تتجه قلوبهم إلى ما تركوه ، وعليهم أن ينقذوا أنفسهم ، وسيعوضهم الله سبحانه خيراً مما فاتهم . هذا هو المقصود بعدم الالتفات المعنوي ، وأيضاً مقصود به عدم الالتفات الحسي . وتوصي الملائكة لوطاً عليه السلام ألا يصحب امرأته معه لأنها خانته بموالاتها للقوم المفسدين ، وإفشائها للأسرار ، وعليه أن يتركها مع الذين يصيبهم العذاب . ولكنها لحظة الخروج ادعت أنها مخلصة للوط ، وقالت : سأخرج حيث تخرج ، ثم نظرت إلى القوم وقالت : وا قوماه ورجعت لتمكث معهم ، ولينالها العذاب الذي نالهم في الموعد الذي حددته الملائكة وهو الصبح : { … إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } [ هود : 81 ] . وقد تحدد الصبح لإهلاكهم لأنه وقت الدعة والهدوء فيكون العذاب أشد نكالاً . ويقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا … } .