Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبذلك أوضح يوسف عليه السلام أنه ترك مِلَّة القوم الذين لا يعبدون الله حَقَّ عبادته ، ولا يؤمنون بالآخرة ، واتبع ملة آبائه إبراهيم ثم إسحاق ثم يعقوب ، وهم مَنْ أرسلهم الله لهداية الخلق إلى التوحيد ، وإلى الإيمان بالآخرة ثواباً بالجنة وعذاباً بالنار . وذلك من فضل الله بإنزاله المنهج الهادي ، وفضله سبحانه قد شمل آباء يوسف بشرف التبليغ عنه سبحانه ولذلك ما كان لِمَنْ يعرف ذلك أنْ يشرك بالله ، فالشرك بالله يعني اللجوء إلى آلهة متعددة . يقول الحق سبحانه : { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ المؤمنون : 91 ] . فلو أن هناك آلهة غير الله سبحانه لصنع كلُّ إله شيئاً لا يقدر على صُنْعه الإله الآخر ولأصبح الأمر صراعاً بين آلهة متنافرة . ومن فضل الله - هكذا أوضح يوسف عليه السلام - أن أنزل منهجه على الأنبياء ومنهم آباؤه إبراهيم وإسحاق ويعقوب لِيُبلغوا منهجه إلى خَلْقه ، وهم لم يحبسوا هذا الفضل القادم من الله ، بل أبلغوه للناس . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } [ يوسف : 38 ] . وساعة تقرأ أو تسمع كلمة : { لاَ يَشْكُرُونَ } [ يوسف : 38 ] . اعلم أن الأمر الذي أنت بصدده هو في مقاييس العقل والفطرة السليمة يستحق الشكر ، ولا شُكْر إلا على النعمة . ولو فَطِنَ الناس لَشكروا الأنبياء والرسل على المنهج الذي بلَّغوه عن الله لأنه يهديهم إلى حُسْن إدارة الدنيا ، وفوق ذلك يهديهم إلى الجنة . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك ما واصله يوسف من حديثه للسجينين : { يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ … } .