Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 57-57)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ويوضح - هنا - سبحانه أنه لا يجزي المحسنين في الدنيا فقط ولكن يجازيهم بخير أبقى في الآخرة . وكلمة " خير " تستعمل استعمالين : الأول : هو أن شيئاً خير من شيء آخر أي : أنهما شركاء في الخير ، وهو المعنى المقصود هنا ، والمثال : هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كُلٍّ خير . احرص على ما ينفعك ، واستعِنْ بالله ولا تعجز ، وإنْ أصابك شيء فلا تَقُلْ : لو أنِّي فعلتُ كذا وكذا ، ولكن قُلْ : قدَّر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان " . والاستعمال الثاني لكلمة " خير " : هو خير مقابله شرّ ، والمثال : هو قول الحق تبارك وتعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] . والحق سبحانه يريد أن يعتدل ميزان حركة الحياة ، لن يعتدل ميزان حركة الحياة بأن نقول للإنسان على إطلاقه : سوف تأخذ أجر عملك الطيب في الآخرة لأن المؤمن وحده هو الذي سيصدق ذلك . أما الكافر فقد يظلم ويسفك الدماء ، ويسرق ويستشري الفساد في الأرض . ولذلك شاء الحق سبحانه أن يجعل الجزاءَ نوعين : جزاء في الدنيا لمَنْ يُحسِن ، سواء أكان مؤمناً أو كافراً وجزاءً في الآخرة يختصُّ به الحقُّ سبحانه المؤمنين به . والحق سبحانه يقول هنا : { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } [ يوسف : 57 ] . أي : أنه أكثر خيراً من جزاء الدنيا لأن جزاء الآخرة يدوم أبداً ، على عكس خير الدنيا الذي قد تفوتُه أو يفوتُك ، بحُكْم أن الدنيا موقوتة بالنسبة لك بعمرك فيها ولكن الآخرة لها الدَّيْمومة التي شاءها الله سبحانه . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك عن إخوة يوسف : { وَجَآءَ إِخْوَةُ … } .