Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 43-43)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والمُهْطع هو مَنْ يظهر من فَرْط تسرُّعه وكأن رقبته قد طالتْ ، لأن المُهْطع هو مَنْ فيه طُول ، وكأن الجزاء بالعذاب يجذب المَجْزيّ ليقربه ، فَيُدفَع في شدة وجفوة إلى العذاب ، يقول الحق سبحانه : { يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] . وكأن هناك مَنْ يدفعهم دَفْعاً إلى مصيرهم المُؤْلم . وهم : { مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ … } [ إبراهيم : 43 ] . أي : رافعين رءوسهم من فَرْط الدهشة لِهوْل العذاب الذي ينتظرهم . وفي موقع آخر يُصوِّرهم الحق سبحانه : { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } [ يس : 8 ] . وهكذا تكون صورتهم مُفْزعة من فََرْط المهانة فبصَرُ الواحد منهم شَاخِص إلى العذاب مُنجذب إليه بسرعة لا يتحكَّم فيها ورأسه مرفوعة من فَرْط الهَوْل ومُقْمَح بالأغلال . ولا يستطيع الواحد منهم أن تجفل جفونه ، وكأنها مفتوحةٌ رَغْماً عنه وفؤاده هواء بمعنى : أنْ لا شيءَ قادرٌ على أن يدخله . ونحن نلحظُ ذلك حين نضع زجاجة فارغة في قلب الماء فتخرج فقاقيع الهواء مقابلَ دخولِ الماء من فُوهتها . ونعلم أن قَلْب المؤمن يكون ممتلئاً بالإيمان أما الكافر المُلْحد فهو في مثل تلك اللحظة يستعرض تاريخه مع الله ومع الدين فلا يجد فيها شيئاً يُطمئِن ، وهكذا يكتشف أن فؤاده خَالٍ فارغ لا يطمئن به إلى ما يُواجه به لحظة الحساب . ونجد بعضاً مِمَّنْ شاهدوا لحظات احتضار غيرهم يقولون عن احتضار المؤمن " كان مُشرِق الوجه متلألئ الملامح " . أما ما يقولونه عن لحظة احتضار الكافر فهم يحكُونَ عن بشاعة ملامحه في تلك اللحظة . والسبب في هذا أن الإنسان في مثل هذه اللحظات يستعرض تاريخه مع الله ، ويرى شريط عمله كله فمَنْ قضى حياته وهو يُرضِى الله لا بُدَّ أن يشعر بالراحة ، ومَنْ قضى حياته وهو كافر مُلْحد فلا بُدّ أن يشعرَ بالمصير المُرْعب الذي ينتظره . ولذلك يقول الحق سبحانه : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } [ القيامة : 22 - 25 ] . ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك : { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ … } .