Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 7-7)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ونلحظ أن الآية تبدأ بكلمة " تأذَّن " وكل المادة الأَلِف والذال والنون مأخوذة من الأذن . والأذن آلة السماع ، والأذان إعلام ، وآذنهم أي أعلمهم . وتأذن أي : اعلم بتوكيد . وهكذا يكون معنى الآية : أني أُعلِمكم بتوكيد من ربكم أنكم إنْ شكرتم ليزيدنكم من نعمه وعطائه لأن الشكر دليلُ ارتباط بالواهب وأنكم سلختم أنفسكم من الاعتزاز بما أوتيتم ، وعلمتم أنه هو وحده الوهاب . والحق سبحانه هو مَنْ قال : { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [ العلق : 6ـ7 ] . ولو كان الإنسان مربوطاً بالحق سبحانه لما فصل الحقَّ عن نعمه ولظل ذاكراً للحق الذي وهبه النِّعمَ . ولذلك أقول دائماً : إياك أن تشغلك النعمة عن المُنِعم لأن النعمة موهوبة لك وليستْ ذاتية فيك . وتأتي المقابلة من بعد ذلك مباشرة فيقول : { وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] . وهنا يثور سؤال : هل الذي لا يشكر نعم الله يكون كافراً ؟ وهنا علينا أن نعلم أن هناك فارقاً بين الكفر والكفران ، ولكن لفظ الكفر جاء هنا ليغلظ من معنى عدم الشكر ، ولم يأت بكلمة كُفْران وجاء بقوله : { وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] . والمثل في ذلك قول الحق سبحانه : { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [ آل عمران : 97 ] . ومَنْ لم يحج فهو عَاصٍ وكأن الله يريد أن يُصعِّب عدم القيام بالحج . أو : أن الآية تريد حُكْمين : الحكم الأول : الإيمان بفرضية الحج والثاني : القيام بالحج فعلاً . ذلك أن الحق سبحانه قد قال : { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً … } [ آل عمران : 97 ] . فَمنْ يؤمن بأن هذا حُكْم صحيح واجب ويؤمن به ولكنه لا يُنفِّذه قد يدخل في المعصية لأنه يستطيع أن يحُجَّ ولم يفعل . أما مَنْ يكفر بالحج نفسه وينكر القضية كلها فهو كافر والعياذ بالله . وهنا يقول الحق سبحانه : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] . وهكذا جاء الكفر مقابل الشكر ، ولا بُدَّ من عذاب للكفر وعذابُ الله لا بُدَّ أن يكون شديداً لأن العذاب يتناسب بقدرة المعذب ، ولا أقدرَ من الله ، ونعوذ به سبحانه من عذابه ، فهو أمر لا يُطاَق . ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك : { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ … } .