Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 9-9)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذه الآية الكريمة أعطتْنا تفسيراً لقوله سبحانه : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] . وكذلك قوله سبحانه : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ … } [ غافر : 78 ] . ونعلم أن الحق سبحانه قد أوحى لموسى - عليه السلام - أن يُبلغ قومه بقصص بعض من الأنبياء السابقين عليه . وهذا واضح في قوله الحق : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ … } [ إبراهيم : 9 ] . ويقول سبحانه عن القوم الذين جاءوا من بعد ذلك : { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ … } [ إبراهيم : 9 ] . أي : أن الرسل قد حملوا منهج الله ، وكذلك المعجزات الدالة على صدقهم لِمَنْ جاءوا من بعد ذلك . والبينات إما أن تكون المعجزات الدالة على صدقهم أو : هي الآيات المُشْتملة على الأحكام الواضحة التي تُنظِّم حركة حياتهم لِتُسْعدهم . ولكن هل قَبِلَتْ تلك الأقوامُ تلك البيناتِ ؟ لا ، لأن الحق سبحانه يقول عنهم : { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ … } [ إبراهيم : 9 ] . وهكذا نرى أن الكافرين هم مَنْ وضعوا أيديهم على أفواههم ، وإما أنهم عَضُّوا على الأيدي بالنواجذ لأنهم لم يُطِيقوا تطبيق منهج الله ولم يستطيعوا التحكُّم في أنفسهم . أو : أنهم رَدُّوا أيديهم إلى أفواههم بمعنى أن قالوا للرسل : " هس " ، أصمتوا ولا تتكلموا بما جِئْتم به من بلاغ . أو : أن بعضهم قال للرسل " لا فائدة من كلامكم في هؤلاء " . والثراء في القرآن يتحمّل كل هذه المعاني والآية تتسِق فيها كل تلك المعاني فالعبارة الواحدة في القرآن تكون شاملة لخيرات تناسب كمالات الله ، وستظل كمالات القرآن موجودة يظهر بعضها لنا وقد لا ندرك البعض الآخر إلى أن يُعلِمنا بها الله يوم القيامة . ويأتي قولهم : { إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ … } [ إبراهيم : 9 ] . ليكشف لنا غباءهم ، فَهُمْ يعترفون بأن هؤلاء رسل من السماء ، وفي نفس الوقت يُنكِرون المنهج ، ويُعلنون هذا الإنكار ، يكشف لنا ذلك قوله تعالى : { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } [ إبراهيم : 9 ] . أي : أنهم أعلنوا رأيهم في المنهج ، وقالوا : إنهم مُحيَّرون ويشكُّون في هذا المنهج . ويأتي القرآن بردِّ الرسل في قول الحق سبحانه : { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ … } .