Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 14-15)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهم قد طلبوا أن ينزل إليهم مَلَكٌ من السماء لذلك نجد الحق سبحانه هنا يأتيهم بدليل أقوى مِمَّا طلبوا ، ذلك أن نزول مَلَك من السماء هو أسهل بكثير من أن يُنزِلَ من السماء سُلَّماً يصعدون عليه ، وفي هذا ارتقاء في الدليل لكنهم يرتقون أيضاً في الكفر ، وقالوا : إن حدث ذلك فَلَسوفَ يكون من فعل السحر . ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم ساحراً لَسحرهم ، وجعلهم جميعاً مؤمنين ، وعلى الرغم من أن مثْل هذا الأمر كان يجب أن يكون بدهياً بالنسبة لهم ، لكنهم يتمادوْنَ في الكفر ، ويقولون : إنه لو نزَّل سُلَّماً من السماء وصعدوا عليه لَكانَ ذلك بفعل السحر ولكانَ رسول الله هو الذي سحرهم وأعمى أبصارهم ، ولَجعلهم يتوهمون ذلك . وكأن معنى هذا القول الكريم : لو ارتقينا في مطلبهم ، وأنزلنا لهم سُلَّماً يصعدون به إلى أعلى ليقولوا : إن الحق هو الذي بعث محمداً بالرسالة ، بدلاً من أن ينزل إليهم ملك حسب مطلبهم لَمَا آمنوا بل لقالوا : إن هذا من فعل سحر قام به محمد ضدهم . وهكذا يرتقون في العناد والجحود . ولا بُدَّ أن نلحظ أن الحق سبحانه قد جاء هنا بكلمة : { فَظَلُّواْ } [ الحجر : 14 ] . ولم يقل " وكانوا " ، ذلك أن " كان " تُستخدمِ لِمُطلْق الزمن ، و " ظل " للعمل نهاراً ، و " أمسى " للعمل ليلاً ، أي : أن كل كلمة لها وَقْت مكتوب ، والمقصود من " ظَلُّوا " هنا أن الحق سبحانه لن ينزل لهم السُّلَّم الذي يعرجُون عليه إلا في منتصف النهار ، ولكنهم أصرُّوا على الكفر . لذلك قال سبحانه : { فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } [ الحجر : 14 ] . أي : لن نأخذهم بالليل ، حتى لا يقولوا إن الدنيا كانت مظلمة ولم نر شيئاً ، ولكنه سيكون في وضح النهار . أي : أن الله حتى لو فتح باباً في السماء يصعدون منه إلى الملأ الأعلى في وضح النهار لكذَّبوا . وبعد ذلك ينقلنا الحق سبحانه إلى الكون لِيُرينَا عجيبَ آياته ، فيقول : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ … } .