Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 48-48)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وحياتُكَ في الآخرة - إنْ أصلحتَ عملك وكنت من المؤمنين - تختلف عن حياتك في الدنيا فأنت تعلم أنك في الدنيا تَحْيا مع أسباب الله المَمْدودة لك وتضرب في الأرض من أجل الرزق ، وتجتهد وتتعب من أجل أَنْ يهبكَ اللهُ ما في الأسباب من عطاء . وحينئذ تصبح من المُفْلِحِين الذين يهديهم الله جنته . يقول الحق جل عُلاَه : { وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [ البقرة : 4 - 5 ] . وشاء الحق سبحانه أن يأتي بلفظ المُفْلِح كصفة للمؤمن في الجنة ، لأن المؤمن قد حرثَ الدنيا بالعمل الصالح وبذل جهده ليقيمَ منهج الله في الأرض ، ونصَبَ قامته ، ونعلم أن نَصْب القَامَة يدلُّ على أن مَنْ يعمل قد أصابه التعب ، وذلك في الحياة الدنيا . أما في الجنة ، فيقول الحق : { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } [ الحجر : 48 ] . أي : لا يصيبهم فيها تعب ، ولا يُخْرَجون من الجنة ، ذلك أنهم قد نَالُوا فيها الخلود . وهكذا تكلَّم سبحانه عن الغَاوين ، وقد كانوا أخلاَّء في الدنيا يمرحُون فيها بالمعاصي وهم مَنْ ينتظرهم عقابُ الجحيم . وتكلَّم عن العباد المُخلصين الذين سيدخلون الجنة ومنهم مَنِ اختلفتْ رُؤَاه في الدنيا ، ولم يربط بينهم تآلفٌ أو محبّة لكنهم يدخلون الجنة ، وتتصافَى قلوبهم من أيِّ خلاف قد سبق في الدنيا . ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك : { نَبِّىءْ عِبَادِي … } .