Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 54-54)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ونعلم أن الحق - سبحانه وتعالى - يخلق الخَلْق على أنحاء مُتعدّدة حتى يعلمَ المخلوق أن خَلْقه لا ضرورة أن يكونَ بطريقة محددة بل طلاقة القدرة أن يأتي المخلوق كما يشاء الله . والشائع أن يُولَد الولد من أَبٍ وأم ذكرٍ وأنثى . أو بدون الأمرين معاً مثل آدم عليه السلام ، ثُمَّ خلق حواء من ذكر فقط ، وكما خلق عيسى من أم فقط ، وخلق محمداً صلى الله عليه وسلم من ذكرٍ وأنثى . وفي الآية التي نحن بصددها نجد إبراهيم عليه السلام يتعجب كيف يُبشِّرونه بغلام ، وهو على هذه الدرجة من الكِبَر ، في قوله تعالى : { عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ … } [ الحجر : 54 ] . يعني أن " على " هنا جاءت بمعنى " مع " أي : أنه يعيش مع الكِبَر ويرى أنه من الصعب أنْ يجتمعَ الكِبَر مع القدرة على الإِنجاب . وأقول دائما : إن كلمة على لها عطاءاتٌ واسعة في القرآن الكريم ، فهي تترك مرة ويأتي الحق سبحانه بغيرها لتؤدي معنًى مُعيناً مثل قوله تعالى : { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } [ طه : 71 ] . والصَّلْب إنما يكون على جذوع النخل ولكن الحق سبحانه جاء بـ في بدلاً من على ليدلَّ على أن الصَّلْبَ سيكون عنيفاً ، بحيث تتدخل الأيدي والأرجُل المَصْلوبة في جذوع النخل . وهنا يقول الحق سبحانه : { أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ … } [ الحجر : 54 ] . أي : أَتُبشِّرونني بالغلام العليم مع أنِّي كبير في العمر والمفهوم أن الكِبَر والتقدُّم في العمر لا يتأتَّى معه القدرة على الإنجاب . وهكذا تأتي " على " بمعنى " مع " . أي : كيف تُبشِّرونني بالغلام مع أنِّي كبير في العمر ، وقد قال قولته هذه مُؤمِناً بقدرة الله فإبراهيم أيضاً هو الذي أورد الحق سبحانه قَوْلاً له : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } [ إبراهيم : 39 ] . وكأن الكِبَر لا يتناسب مع الإنجاب ، ويأتي رَدُّ الملائكة على إبراهيم خليل الرحمن : { قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ … } .