Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكأن الملائكة تقول له : لسنا نحن الذين صنعنا ذلك ، ولكِنَّا نُبلغك ببشارة شاءها الله لك فلا تكُنْ من اليائسين . ونفس القصة تكررتْ من بعد إبراهيم مع ذكريا - عليه السلام - في إنجابه ليحيى ، حين دعا زكريا رَبّه أن يهبَه غلاماً : { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } [ مريم : 6 ] . وجاءته البشارة بيحيى ، وقد قال زكريا لربه : { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } [ مريم : 8 ] . وإن شئت أن تعرفَ سِرَّ عطاءات الأسلوب القرآني فاقرأ قَوْل الحق سبحانه رداً على زكريا : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ … } [ الأنبياء : 90 ] . ولم يَقُلِ الحق سبحانه أصلحناكم أنتم الاثنين وفي ذلك إشارة إلى أن العطبَ كان في الزوجة وقد أثبت العلم من بعد ذلك أن قدرة الرجل على الإخصاب لا يُحدِّدها عمر ، ولكن قدرةَ المرأة على أن تحمل مُحدّدة بعمر مُعين . ثم إذا تأملنا قوله الحق : { وَوَهَبْنَا … } [ الأنبياء : 90 ] . نجد أنها تُثبِت طلاقةَ قدرة الله سبحانه فيما وَهَب وفي إصلاح مَا فسد فسبحانه لا يُعْوزِه شيء قادر جَلَّ شأنه على الوَهْب وقادر على أن يُهيئَ الأسباب ليتحققَ ما يَهبه . وهنا تقول الملائكة لإبراهيم : { بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ … } [ الحجر : 55 ] . أي : أنهم ليسوا المسئولين عن البشارة ، بل عن صدق البشارة ولذلك قالوا له من بعد ذلك : { فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ } [ الحجر : 55 ] . ويأتي الحق سبحانه بما رَدَّ به إبراهيم عليه السلام : { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ … } .