Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 81-81)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهنا يُوجِز الحق - سبحانه وتعالى - ما أرسل به نبيهم صالح من آيات تدعوهم إلى التوحيد بالله ، وصِدْق بلاغ صالح عليه السلام الذي تمثَّل في الناقة ، التي حذَّرهم صالحَ أنْ يقربوها بسوء كَيْلا يأخذهم العذاب الأليم . لكنهم كذَّبوا وأعرضوا عنه ، ولم يلتفتوا إلى الآيات التي خلقها الحق سبحانه في الكون من ليل ونهار ، وشمس وقمر ، واختلاف الألْسُنِ والألوان بين البشر . ونعلم أن الآيات تأتي دائماً بمعنى المُعْجزات الدَّالة على صِدْق الرسول ، أو : آيات الكون ، أو : آيات المنهج المُبلّغ عن الله ، تكون آية الرسول من هؤلاء من نوع ما نبَغ فيه القوم المُرْسَل إليهم لكنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثلها . وعادةً ما تثير هذه الآية خاصيَّة التحدِّي الموجودة في الإنسان ، ولكن أحداً من قوم الرسل - أيّ رسول - لا يُفلِح في أن يأتي بمثل آية الرسول المرسل إليهم . ويقول الحق سبحانه عن قوم صالح : { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } [ الحجر : 81 ] . أي : تكبَّروا وأعرضوا عن المنهج الذي جاءهم به صَالح ، والإعراض هو أنْ تُعطِي الشيء عَرْضك بأن تبتعدَ عنه ولا تُقبِل عليه ، ولو أنك أقبلتَ عليه لَوجدتَ فيه الخير لك . وأنت حين تُقبِل على آيات الله ستجد أنها تدعوك للتفكُّر ، فتؤمن أن لها خالقاً فتلتزم بتعاليم المنهج الذي جاء به الرسول . وأنت حين تُفكِّر في الحكمة من الطاعة ستجد أنها تُريحك من قلق الاعتماد على أحد غير خالقك ، لكن لو أخذتَ المسائل بسطحية فلن تنتهي إلى الإيمان . ولذلك نجده سبحانه يقول في موقع آخر من القرآن الكريم : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [ يوسف : 105 ] . وفي هذا تكليفٌ للمؤمن - كُل مؤمن - أن يُمعِنَ النظر في آيات الكون لعلَّه يستنبط منها ما يفيد غيره . وأنت لو نظرتَ إلى كل المُخْترعات التي في الكون لوجدتَّها نتيجةً للإقبال عليها من قِبَل عالم أراد أنْ يكتشفَ فيها ما يُريح غيره به . والمثل في اكتشاف قُوَّة البخار التي بدأ بها عَصْر من الطاقة واختراع المُعدات التي تعمل بتلك الطاقة ، وحرّك بها القطار والسفينة مثلما سبقها إنسان آخر واخترع العجلة لِيُسهّل على البشر حَمْل الأثقال . وإذا كان هذا في أمر الكَوْنيّات فأنت أيضاً إذا تأملتَ آيات الأحكام في " افعل " و " لا تفعل " ستجدها تفيدُك في حياتك ، ومستقبلك ، والمثَل على ذلك هو الزكاة فأنت تدفع جزءً يسيراً من عائد عملك لغيرك مِمَّنْ لا يَقْوَى على العمل ، وستجد أن غيرك يعطيك إنْ حدث لك احتياج ذلك أنك من الأغيار . ويتابع الحق سبحانه قوله عن قوم صالح : { وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ … } .