Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 22-22)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقَوْله الحق : { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ … } [ النحل : 22 ] . تمنع أنْ يكونَ هناك أفراد غيره مثله ، وقد يتصوَّر البعض أنها تُساوي كلمة " أحد " . وأقول : إن كلمة " أحد " هي منع أن يكونَ له أجزاء فهو مُنزَّه عن التَّكْرار أو التجزيء . وفي هذا القول طَمْأنةٌ للمؤمنين بأنهم قد وصلوا إلى قِمَّة الفهم والاعتقاد بأن الله واحد . أو : هو يُوضِّح للكافرين أن الله واحدٌ رغم أنوفكم ، وستعودون إليه غَصْباً ، وبهذا القول يكشف الحق سبحانه عن الفطرة الموجودة في النفس البشرية التي شهدتْ في عالم الذَّرِّ أن الله واحد لا شريك له ، وأن القيامة والبعث حَقٌّ . ولكن الذين لا يؤمنون بالله وبالآخرة هم مَنْ ستروا عن أنفسهم فطرتهم ، فكلمة الكفر كما سبق أنْ قلنا هي ستر يقتضي مستوراً ، والكفر يستر إيمانَ الفطرة الأولى . والذين يُنكرون الآخرة إنما يَحْرِمون أنفسهم من تصوُّر ما سوف يحدث حَتْماً وهو الحساب الذي سيجازي بالثواب والحسنات على الأفعال الطيبة ، ولعل سيئاتهم تكون قليلة فيجبُرها الحق سبحانه لهم وينالون الجنة . والمُسْرِفون على أنفسهم يأملون أن تكون قضيةُ الدين كاذبة ، لأنهم يريدون أن يبتعدوا عن تصوُّر الحساب ، ويتمنَّوْنَ ألاَّ يوجدَ حساب . ويَصِفُهم الحق سبحانه : { قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } [ النحل : 22 ] . أي : أنهم لا يكتفُون بإنكار الآخرة فقط بل يتعاظمون بدون وجه للعظمة . و " استكبر " أي : نصَّب من نفسه كبيراً دون أنْ يملكَ مُقوِّمات الكِبر ، ذلك أن " الكبير " يجب أن يستندَ لِمُقوِّمات الكِبَر ويضمن لنفسه أنْ تظلَّ تلك المُقوِّمات ذاتيةً فيه . ولكِنَّا نحن البشر أبناءُ أغيارٍ لذلك لا يصِحُّ لنا أنْ نتكَبَّر فالواحد مِنَّا قد يمرض ، أو تزول عنه أعراض الثروة أو الجاه ، فصفات وكمالات الكبر ليست ذاتية في أيٍّ مِنَّا وقد تُسلب ممَّنْ فاء الله عليه بها ولذلك يصبح من اللائق أن يتواضعَ كُلٌّ مِنَّا ، وأنْ يستحضرَ ربَّه ، وأنْ يتضاءلَ أمام خالقه . فالحق سبحانه وحده هو صاحب الحق في التكبُّر وهو سبحانه الذي تبلغ صفاته ومُقوِّماته منتهى الكمال ، وهي لا تزول عنه أبداً . ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك : { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ … } .