Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 23-23)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وساعة نرى { لاَ جَرَمَ } فمعناها أنَّ ما يأتي بعدها هو حَقٌّ ثابت ، فـ " لا " نافية ، و " جرم " مأخوذة من " الجريمة " ، وهي كَسْر شيء مُؤْمَن به لسلامة المجموع . وحين نقول " لا جرم " أي : أن ما بعدها حَقٌّ ثابت . وما بعد { لاَ جَرَمَ } هنا هو : أن الله يعلم ما يُسِرون وما يُعلِنون . وكُلُّ آيات القرآن التي ورد فيها قوله الحق { لاَ جَرَمَ } تُؤدِّي هذا المعنى ، مثل قوله الحق : { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } [ النحل : 62 ] . وكذلك قوله الحق : { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلْخَاسِرونَ } [ النحل : 109 ] . وقد قال بعض العلماء : إن قوله الحق { لاَ جَرَمَ } يحمل معنى " لا بُدَّ " ، وهذا يعني أن قوله الحق : { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ … } [ النحل : 23 ] . لا بُدَّ أن يعلم الله ما يُسِرون وما يُعلِنون ، ولا مناصَ من أن الذين كفروا هم الخاسرون . وقد حَلَّلَ العلماء اللفظ لِيصِلوا إلى أدقِّ أسراره . وعِلْم الله لا ينطبق على الجَهْر فقط ، بل على السِّر أيضاً ذلك أنه سيحاسبهم على كُلِّ الأعمال . ويُنهِي الحق سبحانه الآية بقوله : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } [ النحل : 23 ] . وإذا سألنا : وما علاقةُ عِلْم الله بالعقوبة ؟ ونقول : ألم يقولوا في أنفسهم : { لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ … } [ المجادلة : 8 ] . وإذا ما نزل قول الحق سبحانه لِيُخبرهم بما قالوه في أنفسهم فهذا دليل على أن مَنْ يُبلِغهم صادقٌ في البلاغ عن الله ، ورغم ذلك فقد استكبروا وتأبَّوْا وعاندوا ، وأخذتهم العزة بالإثم ، وأرادوا بالاستكبار الهرب من الالتزام بالمنهج الذي جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم . ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ … } .