Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 83-83)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقد حكى القرآن عنهم في آيات أخرى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [ الزخرف : 87 ] . وقال عنهم : { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ … } [ النمل : 14 ] . ذلك لأنهم يعلمون تماماً أن الله خلقهم ، وأنه خلق السمٰوات والأرض … يعلمون كل نِعَم الله عليهم ، ومع ذلك يُنكرونها ويجحدونها … لماذا ؟ لأن الإيمان بالله والاعتراف بنعمه مسألة شاقة عليهم ، ولو كانت مجرد كلمة تُقال لقالوها … ما أسهل أنْ يقولوا " لا إله إلا الله " لكنهم يعلمون أن : لا إله إلا الله لها مطلوبات ، فما دام لا إله إلا الله ، فلا يُشرِّع إلا الله ، ولا يأمر إلا الله ، ولا يَنْهى إلا الله ، ولا يُحِلُّ إلا الله ، ولا يُحرِّم إلا الله . إذن : مطلوبات لا إله إلا الله جعلتهم في قالب من حديد ، منضبطين بمنهج يهدم سيادتهم ، ويمنع الطغيان والجبروت ، منهج يُسوِّي بين السادة والعبيد . إذن : الدين الحق يُقيِّد حركتهم ، وهم لا يريدون ذلك ، فتراهم يعرفون الله ولا يؤمنون به لأنهم يعلمون مطلوبات لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وإلا لو كانت مجرد كلمة لقالوها . وقوله : { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [ النحل : 83 ] . بعض العلماء يقولون : أكثرهم يعني كلهم … لا … بل هذا أسلوب قرآني لصيانة الاحتمال وللاحتياط للقلة التي تفكر في الإسلام ويراودها أمر هذا الدين الجديد من هؤلاء الكفار ، لا بُدَّ أنْ نُراعي أمر هذه القلة ، ونترك لهم الباب مفتوحاً ، فالاحتمال هنا قائم … فلو قال القرآن : كلهم كافرون لتعارض ذلك مع هؤلاء الذين يفكرون في أنْ يُسلِموا … وكذلك مراعاة لهؤلاء الذين لم يبلُغوا حَدَّ التكليف من أبناء الكفار . إذن : قوله { وَأَكْثَرُهُمُ } تعبير دقيق ، فيه ما نُسمّيه صيانة الاحتمال . ثم يقول تعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ … } .